زغاريد على جرح القلب..الفصل الحادي عشر

 تأليف: فايل المطاعني


حيرة أمل

لم يأتِ سلطان النوم مبكرًا كعادته، بل ظلت "أمل" ساهرة، تتأمل الصباح، وتفكر فيما ستقوله لأبيها:

لابد أن أخبره صباحًا، لأقطع عليهم خط العودة، ويكون الرفض نهائيًا. لا أريد أن أعيش مع رجل لا أحبه، قلبي مع شخص آخر… مستحيل أن أرتبط بغيره.


ابتسمت لنفسها وهي تفكر: سأخبر أبي بالحقيقة… لا حاجة للكذب، وبالمناسبة، أبي يعرف أني أحب شخصًا، لكنه صعب أن يقول شيئًا.

ثم ضحكت بخفة، وهي تتخيل الحوار: “أبي، هل سيأتي جون لتناول الغداء؟”… توقفت، وتراجعت عن الجملة بسرعة: يا بنت راشد، الجملة ما راكبة!


رفعت رأسها نحو المنبه، متأكدة من أن يكون إلى جانبها، لتستيقظ لصلاة الفجر وتكلم والدها قبل ذهابه للعمل. ثم أغمضت عينيها وهي تتمنى: يا رب، ما يجي الخميس القادم إلا وعادل خاطبني… يا رب!

الخطوبة


جلس سعد بجوار والدته، يلاطفها ويقبل يدها بحنان:

– والدة، ما ناوي تصيري جدة، والله الخيال حلو!


نظرت إليه بطرف عينها، وقالت بجدية:

– سعد، هات من الآخر، تبي تتزوج من البنت اللي اخترتها؟


قفز سعد من مكانه، وقبّل يد والدته بحرارة:

– والله إنك أحلى أم بالدنيا، وما لنا غيرك!


ثم قال بثقة:

– أبي أخطب عائشة بنت خالتي "نوار".


ابتسمت والدته نظرة مختلطة بين الدهشة والفرح:

– تقصدين بنت نوار، أخت خالتك كهرمانة… يا جماعة، في الحارة ما في بنات إلا نوار وكهرمانة!


نهضت والدته وكأن عقربًا لدغها، لكنها سرعان ما ابتسمت وهي تعود إلى مكانها:

– سعد… أنت تأخذ بنت نوار، وأخوك يتزوج "إلهام" بنت خالتكم موزة… هكذا قسمت الأمور من عند الله.


خرجت والدته إلى غرفتها وهي تقول:

– تمام التمام، كل شيء جت من عند الله.


سعد ابتسم في نفسه: والله يا مهنا جاك مثل ما اتمنى… حلو هالمثل جاء بوقته.


مائدة الإفطار


جاء الصباح مشرقًا، وبينما كان الوالد راشد على وشك الذهاب إلى عمله، فوجئ بأن الفطور قد أعدته ابنته أمل بنفسها، وليس العاملة.


– أمل، اليوم صاحية بدري؟ – قال والدها بدهشة.


– نعم، أبي… كنت أريد أن أكلمك. – ردت أمل متوترة.


– خير يا بنتي؟ – سأله والده.


– أنا ما أريد مسعود… الرجل محترم، لكني لم أرتح له. الزواج أهم شي يكون مرتاح للي تعيش معه، صح كلامي يا أبي؟


تذكر راشد كلام زوجته أم عبدالله عن المهندس جاسم، فقال مبتسمًا:

– يالله عسى خير يا بنتي… الواحد ما يعرف وين النصيب. لكن شو أقول لعمك حمدان؟ هم ينتظرون ردك.


فرحت أمل وقالت:

– قول لهم أن البنت ما ناوية تتزوج الحين… أو قول لهم إنها مشغولة بدورة وما تعرف متى تنتهي… حرام نربط الولد، الأفضل يشوف نصيبه مع واحدة ثانية… والزواج قسمة ونصيب.

فرحة جاسم


أخذ الوالد حمدان صديقه راشد جانبًا بعيدًا عن الموظفين، ليخبره بما حصل:

– للاسف، البنت ما تريد تتزوج.


تظاهر حمدان بالدهشة:

– ليش؟ ما تريد ولدي؟


ابتسم راشد مطمئنًا:

– البنت مشغولة بدورة، وما تريد تفوتها… حرام نربط الولد، خليه يدور له بنت الحلال وربك يرزقه الذرية الصالحة.


شعر حمدان بالفرح وقال:

– يالله ماشي… أهم شي صداقتنا مكانها.


غادر حمدان وهو يتمتم: شو سالفة العيال؟ دوراتهم ما تجي إلا بالليل!


أما الوالد راشد، فاتصل بالشيخ عبدالله:

– السلام عليكم، الشيخ عبدالله.


– وعليكم السلام.


– يوم الخميس القادم موعدنا إن شاء الله.


– على خير إن شاء الله.


عندما علم المهندس جاسم بالموعد، فرح كثيرًا، وقال في نفسه:

"جاءت على ميعادها فرحًا، تُفدى بحضرتها المواعيد… ما العيد إلا أنتِ غاليتي، أنتِ الأغاني والأغاريد… أنت الهوى في كل ناحية، كالعقد أنتِ وقلبي الجيد

يتبع .......

تعليقات