تأليف: فايل المطاعني
صراع الغيرة
تنويه:
القصة من وحي الخيال، والأسماء لا تعكس شخصيات حقيقية، وإنما هي ابتكار المؤلف.
لم تكن أمل راغبة في ارتداء زي مميز لاستقبال الضيوف، لكنها رضخت لإلحاح ابنة خالتها. اختارت موديلًا أخضر فاتحًا لم تلبسه من قبل، بأكمام شيفون تتناثر عليها نجمات صغيرة من الكريستال، ملتفة حول الرسغ بشكل دائري مع كسرات دقيقة تكاد لا تُرى. وعند العنق كان التصميم على شكل مثلث، مع كسرات طولية تبدأ من المنتصف نحو الأسفل، وتتسع تدريجيًا لتصل إلى أقصى اتساع عند قاعدة الثوب.
اختارت أمل تسريحة شعر هندية تناسب بشرتها الحنطية، فجمعت شعرها على شكل ضفيرة دائرية، وجمعتها في مشبك واحد، لتبدو كنجمة من عالم السينما الهندية.
لم تكن راغبة في كل هذه التغييرات، لكنها نظرت إلى ابنة خالتها، التي لم تتردد في مد يدها وضربها برفق قائلة:
"كله منك! كنت أريد شيء عادي، يعني مال مشي حالك…"
ضحكت عائشة وقالت مازحة:
"شو رأيك بعد تخرجي، حق الحريم بالكندورة النوم، ولا بالكندورة اللي توك طابخة فيها؟"
ضحكت أمل واستسلمت لأفكار ابنة خالتها، وهمست في نفسها:
"والله خوفي بالنهاية ألقي روحي متزوجة مسعود."
ارتاحت حين علمت من والدتها أن مسعود لن يأتي لرؤيتها، متعللة بأنهم أبناء الحارة نفسها فلا داعي للرؤية الشرعية.
لكن مشاعل، أخت مسعود، لم تشعر بالارتياح. بدأت الغيرة تتسلل إلى قلبها وهي تحدق في أمل، وكأنها ترى مخلوقًا غريبًا جاء من الفضاء:
"أنا وأمل خريجات نفس الدفعة، في سن واحد… أمل عينت قبلي كمعلمة وأصبحت اختصاصية اجتماعية، ونقلت إلى مدرسة هنا في الحارة لا تبعد كثيرًا عن بيتها. وما وصلت الثلاثين بعد، والحين جاء نصيبها… وأنا تعينت متأخرة في مدرسة نائية، ومع طالبات مشاغبات… ولحد الآن ما جاء نصيبي! شو هذا الحظ الناري معها؟ برغم أنها مش أجمل مني، لكنها شعرها ناعم وطويل… وبلاد أمها معروفات بالشعر الطويل… ويش هذا الذوق! لابسة كندورة لونها أخضر فستقي، وتحتها حركة 'الكلوش'… هذه حركة أمهاتنا!"
تابعت مشاعل حديثها الداخلي بغضب مكتوم:
"ما أعرف ليش مسعود اختار هذه أمل؟ والله ربيعتي فاطمة أحلى منها ألف مرة… شوفوا كيف طالع، كأنها ذيك البطة في الرسوم المتحركة المضيعة أطفالها من مكان لمكان… لا، مستحيل! هذه تدخل بيتنا، ناقصة تأمر علينا… طبيعي، بتأمر لأنها زوجة أخونا، وأمي طيبة… والمصيبة إذا حبتها أمي! يعني بتكون الكل في الكل… لا… مستحيل أخلي أخوي يتزوج هذه البنت العجمية!"
في تلك اللحظات، شعرت مشاعل بغصة تختلط بالغضب والغيرة، بينما كانت أمل غارقة في شعور بالارتياح، غير مدركة مدى الحقد الكامن في قلب أخت مسعود، تلك التي لم تدرك بعد أن نصيب الحياة قد يختار طريقه بغموض، وأن الغيرة أحيانًا لا تأتي إلا متأخرة… حين يُفتح الباب أمام الحب والنصيب.

تعليقات
إرسال تعليق