زغاريد على جرح القلب..الفصل السابع

تأليف: . فايل المطاعني 

 يُسرى

قال الشيخ عبدالله بصوتٍ حادٍ تخلله العتاب:

"يا بُنيّ، تركتَ بنات الحي وتمسّكتَ ببنتٍ عَجمية؟!

أخبرني، بمَ تختلف عن جواهر أو نوف بنات عمّك سالم؟ أو عن لطيفة ويُسرى بنات عمّك سعيد؟"


ثم صمت لحظةً وأردف ساخرًا:

"لا... لا نريدها، فاسمها وحده يوحي بأنها ليست من أهل الدار. رحم الله أباها سعيد، كان مغرمًا بالسفر إلى مصر، ويبدو أنّ هواءه مصريٌّ منذ تلك الأيام!"


كان جاسم يصغي إلى والده في صمتٍ واحترام، حتى أنهى حديثه، ثم قال بهدوءٍ وثبات:

"يا أبي، غفر الله لك. أنسيت قول الله تعالى في كتابه الكريم، وأنّ لا فرق بين عربيٍّ ولا أعجميٍّ إلا بالتقوى؟

كلنا يا أبي أبناءُ تراب، وكلنا أبناءُ موت، وما من أحدٍ أفضل من الآخر إلا بعمله."


تنهّد قليلًا ثم تابع:

"خالتي كهرمانة امرأةٌ صالحة، تخاف الله، وتحفظ كتابه الكريم، ويُضرب بها المثل في الحشمة والوقار، وبناتها على خُطاها.

أما أمل، فكانت زميلتي في الجامعة، وإن كنّا في كليتين مختلفتين، إلّا أننا نلتقي أحيانًا، فإذا سلّمتُ عليها بالكاد تردّ السلام من فرط حيائها.

هي يا أبي فتاةٌ مهذّبة، طاهرةُ النفس، حَسَنةُ الخلق والتربية."


ظلّ الشيخ عبدالله صامتًا لحظاتٍ، ثم تمتم وهو يطرق رأسه:

"أستغفر الله العظيم... أستغفر الله العظيم."

ثم رفع بصره إلى ابنه وسأله بصوتٍ خافت:

"وأمّك، ما رأيها في الأمر؟"


أشرق وجه جاسم بابتسامةٍ خفيفة وقال:

"تقول والدتي إنّ الأخلاق هي المعيار الأهم، وتشهد لأمّ أملٍ بحسن السيرة والخلق، وتوصيني بأن أكلّمك، لأنك صاحب الكلمة الأولى والأخيرة."


ابتسم الشيخ عبدالله وقال بزهوٍّ ممزوجٍ بالحنين:

"بارك الله في أمك، امرأةٌ عاقلة.

رحم الله والدتك، كانت تعرف كيف تختار، ولو كنتُ مصرًّا على اختياري، لهلكتُ منذ زمن!"


ضحك جاسم وقال متسائلًا:

"يعني يا أبي، أفهم أنّك موافق؟"


هزّ الشيخ رأسه مبتسمًا وقال:

"لا يا بُنيّ، لم أقل هذا بعد.

غدًا إن شاء الله سأتّصل بأخيك راشد لأخذ موعدٍ لزيارتهم، فإن كان في الأمر خير، فستكون من نصيبك بإذن الله."


قال جاسم بفرحٍ غامر: "يارب 

يتبع

تعليقات