في معادلة الحياة، يبقى الحب هو العامل الأكثر غموضًا وتأثيرًا في إدراكنا للزمن. فبينما تُقاس الأعمار بالسنوات، يُقاس عمر القلب بالحب الذي يسكنه، وبالنبض الذي يعيشه مع من أحب.
الزمن حين يُقاس بالمشاعر
من يتأمل مرور الأيام في ظل الحب، يدرك أن الوقت يفقد معناه التقليدي. الدقائق مع من نحب تمضي كلمح البصر، أما لحظات الانتظار فتتسع حتى تغدو دهراً من اللهفة والحنين.
فالحب يغيّر كيمياء الإنسان وإحساسه باللحظة؛ يجعل الوجوه المألوفة أكثر إشراقًا، والأماكن العادية أكثر حياة، وكأن الزمن نفسه يخضع لقانون جديد تكتبه المشاعر.
يؤكد علماء النفس أن الحب يُحدث تحولًا في طريقة عمل الدماغ، إذ يُفرز الجسم في حالاته أجمل الهرمونات التي تمنح الإحساس بالسعادة والطمأنينة، فتجعل الساعات تمر خفيفة وسريعة. أما في لحظات الفقد، فيتراجع هذا الإحساس، ويغدو الزمن بطيئًا، مثقلًا بالذكريات.
وهكذا يعيش العاشق زمنين متناقضين في اليوم الواحد: زمن اللقاء القصير الذي لا يُشبعه، وزمن الانتظار الطويل الذي يرهقه.
الحب.. إكسير العمر
من الناحية الفلسفية، يمنح الحب الإنسان شعورًا بالخلود المؤقت، إذ يعيد إليه نضارة الروح حتى وإن تقدمت به السنون. فالمحب يعيش بداخله عمرًا موازيًا، يختصر فيه الفرح، ويؤجل فيه الشيخوخة، كأن القلب وحده يمتلك حق البقاء شابًا.
الحب لا يضيف سنوات إلى أعمارنا، بل يضيف حياة إلى تلك السنوات.
ولعل أجمل ما في الحب أنه يجعل الإنسان أكثر وعيًا بقيمة الوقت؛ فكل لحظة مع من نحب تصبح ذكرى تستحق أن تُعاش ببطء، كأننا نحاول حفظها من عبور الزمن. وبين سرعة الأيام وبطئها، يبقى الحب هو الذي يحدد إيقاع العمر.
يبقى الحب السر الأعظم في معادلة الزمن؛ هو من يجعل لحظة واحدة تساوي حياة بأكملها، وهو أيضًا من يجعل العمر الطويل يبدو قصيرًا حين يغيب. فالحب لا يغيّر فقط طريقة مرور الساعات، بل يغيّر معنى الحياة نفسها.

تعليقات
إرسال تعليق