بقلم: عبدالله الريسي
عبد الله : أيها الصيف...
أما اكتفيت من المكوث؟
أما أرهقك صخبك ولهيبك وإصرارك على البقاء؟
كل ما في داخلي يفيض توقًا إلى بردٍ يطمئن روحي،
إلى نافذة يطرق زجاجها مطرٌ حنون،
إلى دفء لا يُحرقني، بل يُسكّنني.
فأجبني بصدق: لِمَ تأخّر الشتاء؟
أين مأواه؟
الصيف (بصوت أجش وابتسامة واهنة):
لم أُقبل إليك لأُثقلك يا عبدالله،
لكن الفصول لا تنقض ناموسها لأجل قلب واحد، مهما كان نَبضه بديعًا.
واعلم...
ما عدت أراك كما عهدتك؛
كنت تبتسم في نهاري،
أما الآن، فأراك تذوب من وهجي.
فامضِ إلى حيث يهفو قلبك، فالشتاء على مقربة،
وأنا أنسحب في خَفرٍ وخجل.
عبدالله:
لا عِتاب يا صيف،
غير أنّ قلبي ناء بالشوق.
إني أحنّ إلى شتاء يُصغي إليّ، لا يُضرم ناري،
يحتويني... لا يُطوّقني.
يا شتاء، إن كنت تصغي لنجواي،
فقل لي: لِمَ طال غيابك؟
الشتاء (يدخل كعِطرٍ بارد، بصوت هادئ كالمطر):
عبدالله،
رفيق الحنين، وصنو السكون،
أنا لا أتأخر، بل أتهيّأ لك.
ما بيننا أشهرٌ معدودات،
لكنها في معجم الشوق لا تُقاس بالزمان،
بل بالنبض.
فاصطبر يا صديقي،
فكل لحظة تمضي تقرّبني إليك أكثر.
سأوافيك بغيمي، ببرودي، بأحاديثنا التي لا يعكرها قيظ،
سأجيء لأُطفئ ما أوقد الصيف فيك،
ولتعود كما كنت...
ساكنًا، دافئًا، عاشقًا.
عبدالله (يهمس للشتاء):
إني في انتظارك...
فلا تُطِل الميعاد،
فبين قلبي ومقدمك،
حنينٌ تعجز الفصول عن وصفه.

تعليقات
إرسال تعليق