حوار : زينب علي درويش
حين تصير الكلمة وطنًا
"إلى روح أمي الغالية، التي همست لي ذات مساء، بثقة وحب: سوف تكون كاتبًا رائعًا… فاعتنِ بنفسك. كلماتها لا تزال نبراسًا يضيء دربي ويغذي روحي."
بهذه الهمسة التي تختزن حنان الأم وقوة الإيمان، بدأ الكاتب رحلته مع القلم. ومنذ تلك اللحظة، لم تعد الكتابة مجرد ممارسة عابرة، بل صارت نافذة يطل منها على نفسه والعالم، يصرخ بالدهشة، ويصغي لصوت الريح بين الأشجار، ويرسم على الورق عوالم من صمت الجبال وهمس البحر ودفء القرى.
س١: إذا عدنا إلى اللحظة الأولى التي أمسكت فيها بالقلم ماذا كنت تريد أن تقول ولماذا؟
كنت أريد أن أصرخ بالكلمات، أن أفرغ ما في قلبي من دهشة وأسئلة، أن أصنع عالمي الصغير بين السطور، لأن الكلام كان ملاذي الوحيد لفهم الحياة.
س٢: كيف تعيدك الكتابة إلى نفسك بعد صخب الحياة اليومية؟
الكتابة لي هي رحلة صامتة إلى داخلي، أستعيد فيها أنفاسي وأرى وجهي في مرآة الكلمات، وكأنها تعيدني من عالم الضوضاء إلى عالم الروح.
س٣: ما العادة الصغيرة التي لا يعرفها عنك القراء وتؤثر في كتابتك؟
أحب أن أشاهد الظلال تتحرك على الجدران، أصغي لصوت الريح بين الأشجار، وأحيانا أفكر في قصة قصيرة تبدأ من همسة في الهواء قبل أن تكتمل على الورق.
س٤: إذا طلبت منك أن تختصر نفسك في ثلاث كلمات فماذا تقول؟
حالم، متأمل، حكواتي.
س٥: كيف ترى حضور الكاتب العُماني في المشهد العربي؟
الحضور موجود لكنه يحتاج إلى صوت أعلى وجرأة أكبر، فالكاتب العماني يحمل بين ضلوعه حكايات البحر والجبال والصحراء التي تنتظر من يسمعها ويعرف قيمتها.
س٦: كيف أثرت الجغرافيا العمانية (البحر – الجبال – الصحراء – القرى) في أسلوبك ورؤيتك الأدبية؟
كل منظر طبيعي في عمان هو قصة بحد ذاته؛ البحر علّمني الصبر، الجبال علّمتني الصلابة، الصحراء علمتني الصمت، والقرى أعطتني دفء الحياة البسيطة وروح الناس العميقة.
س٧: هل يحتاج الأدب العُماني إلى "ثورة" ليتسع صداه؟
ليس ثورة صاخبة، بل ثورة هادئة من الكلمة الصادقة والقصص التي تحكي واقعنا بروحنا، حينها سيجد الأدب العماني مكانه الطبيعي بين عمالقة الأدب العربي.
س٨: ما هو الحلم الأدبي الذي يراودك ولم يتحقق بعد؟
أحلم بكتابة رواية تصل إلى قلب القارئ العربي والعالمي، رواية تتحدث عن عمان بروحها وناسها، وتبقى كهمسة ترويها الأجيال القادمة.
س٩: هل تخاف من أن يسرق أحدهم نصوصك، أم تخاف أكثر من أن لا يقرؤها أحد؟
أخاف أكثر من أن لا تُقرأ، فالكتابة بلا قارئ مثل بستان بلا زهور، بلا من يستمتع بعطرها.
س١٠: هل تحلم بكتابة نص يظل بعدك مائة عام مثلما بقيت نصوص نجيب محفوظ أو الطيب صالح؟
الحلم موجود، لكنه ليس سباقًا مع الزمن، بل رغبة في أن أترك أثرًا صادقًا، حتى لو كان صغيرًا، بين أيدٍ تقرأ وتفكر وتشعر.
س١١: لو أتيح لك أن تكتب للعالم بلغة واحدة فقط غير العربية، أي لغة تختار ولماذا؟
الفرنسية، لأنها لغة الموسيقى الدقيقة في الجملة، ولها قدرة على نقل المشاعر الهادئة والمعقدة في الوقت ذاته.
س١٢: هل شعرت يوما أن الكتابة تسلب منك الحياة بدل أن تمنحك إياها؟
أحيانًا أشعر بذلك، حين يغوص قلبي في الحكايات فلا أرى حولي شيئًا، لكن بعد ذلك تذكرني الكتابة بالحياة، وتعلمني كيف أحبها أكثر.
حين ينتهي الحوار، تبقى الكلمات مثل شرفات مفتوحة على أفق أبعد من السؤال والجواب. الكاتب لا يضع نقطة أخيرة بقدر ما يترك فاصلةً تدعو القارئ للمضي معه في رحلة جديدة بين السطور. وما بين حلمه برواية تتحدث عن عمان، وخوفه من أن تبقى نصوصه بلا قارئ، يتجلى صدق الروح التي تكتب لتُحب الحياة أكثر.

تعليقات
إرسال تعليق