لا تراقب الناس

 بقلم: خليفة سالم الغافري _سلطنة عُمان 

يميل بعض الناس إلى التدقيق في هفوات الآخرين، كأن أعينهم عُدت للرقابة فقط، وألسنتهم صيغت للتعليق والانتقاد. يلاحقون زلات غيرهم وكأنهم معصومون من الخطأ، ويقفون على العثرات الصغيرة ليثبتوا لأنفسهم أنهم أفضل وأكمل. غير أن الحقيقة التي يغفلون عنها أن كل إنسان يحمل في داخله نصيبًا من القصور، وأن الخطأ جزء أصيل من التجربة البشرية.


حين يكثر المرء من التنقيب عن أخطاء الآخرين، فإنه يضع نفسه في موضع المفارقة؛ فقد يكتشف أن ما يعيبه على غيره موجود فيه بصورة أو بأخرى. فالإنسان يرى في الآخرين ما يشبهه أو ما يخشاه في داخله، والنقد القاسي في أحيان كثيرة ليس إلا مرآة تعكس عجزه عن مواجهة نقائصه الشخصية.


إن أجمل ما يمكن أن يفعله المرء مع نفسه أن يبدأ رحلة الإصلاح من الداخل، فيراجع سلوكه، ويعترف بعيوبه، ويسعى إلى تهذيب ذاته بدلًا من ملاحقة الناس. فالبحث عن أخطاء الآخرين لا يزيد الحياة إلا قسوة، بينما الانشغال بتقويم النفس يفتح بابًا للنضج والتسامح. وما من طريق أنفع للإنسان من أن يواجه ذاته بصدق، لأن إصلاحها أعظم من ألف إصلاح شكلي لغيره.



تعليقات