التفاوت الاجتماعي 

بقلم :خليفة سالم الغافري

لا يمكن إنكار أن المجتمعات، أيًّا كانت طبيعتها، تتسم بتفاوت اقتصادي واجتماعي واضح، وهو أمر متجذر في طبيعة الحياة البشرية منذ الأزل. فمثلما يوجد الغني والمقتدر، يوجد الفقير والمحتاج، وكما أن هناك من ينعم بترف العيش، هناك أيضًا من يكافح لتأمين قوت يومه. هذا التفاوت ليس وليد عصرنا الحاضر، بل هو سنة من سنن الله في خلقه، تتجلى في مختلف المجتمعات عبر العصور.

ورغم هذا التباين، فإن وصف مجتمع معين بأنه "مجتمع فقير" أو "مجتمع غني" هو اختزال للواقع، لأن أي مجتمع يضم فئات متعددة تتفاوت إمكاناتها المادية. فلا يخلو مجتمع من الأغنياء ولا من الفقراء، وكما نجد الأسواق مليئة بالمتسوقين، نجد أيضًا المحتاجين الذين قد لا يستطيعون دخول تلك الأسواق أو شراء ما يحتاجونه. وهذا لا يعني أن هناك تناقضًا بين الفئتين، بل هو انعكاس للتنوع الاجتماعي الذي يطبع المجتمعات البشرية.

قد يرى البعض أن وجود الفقراء والمحتاجين في مجتمع معين يشير إلى مشكلة، لكن في الحقيقة، هذا الأمر طبيعي، وهو ما يجعل التكافل والتضامن بين أفراده ضرورة لا غنى عنها. فالتفاوت في الدخل والثروة لا ينبغي أن يكون مدعاة للاستغراب أو الاستنكار، بل حافزًا لتعزيز قيم التعاون والمساعدة، سواء عبر المؤسسات الخيرية أو المبادرات المجتمعية أو حتى الدعم الفردي بين الناس.

إن إدراكنا لهذا التباين يجب أن يقودنا إلى فهم أعمق للمجتمعات، بحيث لا ننظر إلى جزء منها ونتجاهل الآخر، بل ندرك أن كل مجتمع هو خليط متنوع من الفئات المختلفة، ولكل فرد فيه دوره وتأثيره. وبالتالي، فإن الحكم على مجتمع ما بناءً على طبقة معينة دون النظر إلى الصورة الكاملة هو تبسيط مجحف للواقع.

في النهاية، يبقى التفاوت الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من الحياة، لكنه في الوقت ذاته يضع على عاتقنا مسؤولية أخلاقية وإنسانية، تدعونا إلى الإحساس بالآخرين، والعمل على تحقيق التوازن بين فئات المجتمع بقدر ما نستطيع، ليس عبر إنكار الفروقات، بل عبر إيجاد سبل تعزز التكافل والعدالة الاجتماعية.

تعليقات