بقلم: حسين الشرقي
أجلس هنا في غرفةٍ لا تعرف النهار،
جدرانها تنحني عليّ كأذرعٍ متعبة
والصمت ثقيل… أثقل من روحي
أثقل من كل جرحٍ لم يُكتب له شفاء.
لا أحد يطرق الباب.
حتى الريح هجرتني
حتى الغبار ملَّ من ملامحي.
كل شيء يمرّ من حولي إلا أنا.
أنا عالقٌ في نقطةٍ باردة
نقطةٍ لا تتحرك ولا تموت.
أبحث في المرآة عن ملامحي فلا أجدها
تسألني المرآة: من أنت؟
ولا أجيب.
فكيف أجيب وقد فقدت اسمي
فقدت صوتي
حتى وجعي صار أخرس؟
كنت أظن أني أكتب لأُنقذ نفسي
لكن الكلمات خانتني
تركتني مكشوفًا للعتمة
وأنا الذي ظننت أن الحروف جسرٌ للنجاة
فإذا بها هاوية أوسع من صمتي.
كل يوم أدفن شيئًا جديدًا في داخلي:
ضحكة قديمة، حلمًا صغيرًا
وجهاً مرّ في حياتي وترك ندبة.
حتى أنا دفنتني منذ زمن
ولم يبقَ مني غير هذا الظل
الذي يتسكع على الجدران
يتأرجح بلا جسد، بلا وجه، بلا ملامح.
الناس هناك في الخارج
يتحدثون عن الأمل كما لو أنه سلعة رخيصة.
أما أنا
فلم يعد الأمل سوى خنجر صدئ
غرسته الحياة في خاصرتي
وتركتني أنزف ببطء.
أضحك أحيانًا
لكن ضحكتي مسمومة
ضحكتي تشبه بكاءً يائسًا
لم يجد من يترجمه.
أبكي أحيانًا
لكن دموعي حارقة
تترك على وجهي خطوطًا سوداء
كأنها توقيع النهاية.
أجلس على كرسي الخيبة
أنتظر شيئًا لا أعرفه.
لا ضيف، لا خبر، لا معجزة.
أنتظر فقط
وأخاف أن يكون الانتظار نفسه
هو موتي البطيء.
أيها الليل
تعال خذني
خذني بلا سؤال
خذني بلا عودة
فقد تعبتُ من كوني هنا
بين حياة لا تحتويني
وموتٍ يخجل أن يقترب.
أقول لنفسي:
ربما غدًا يتغير كل شيء
لكن الغد يأتي
ويحمل نفس الرماد
نفس الحطام
نفس المرارة التي علقت في فمي كطعمٍ أبدي.
أتعلمون ما هو العذاب الحقيقي؟
أن تستيقظ كل يوم
وأنت تعرف مسبقًا أن لا جديد
أنك لن تنجو
أنك محكومٌ بالبقاء في هذا الفراغ
حتى تنسى نفسك
حتى تنسى أنك كنت إنسانًا يومًا.

تعليقات
إرسال تعليق