بقلم: حسين الشرقي
أُحبّكِ…
لكن حُبّي لكِ ليس نغمةً رقيقة،
إنه عاصفة سوداء تهدم كل ما حولي،
إنه ليلٌ طويلٌ لا يعرف الصباح،
وجرحٌ مفتوح يتغذّى على قلبي، ولا يشبع.
أنتِ لستِ امرأةً عابرة،
أنتِ قصاصي،
وأنتِ عذابي،
أنتِ السمّ الذي أشربه وأنا أبتسم،
وأنتِ الدواء الذي يقتلني ببطءٍ لا أستطيع النجاة منه.
كلما حاولتُ أن أهرب منكِ،
شدّتني عيناكِ كسلاسل من نار،
ألقيتُ بنفسي في عمقكِ
كما يُلقي الغريق جسده في موجة أخيرة،
مؤمناً أنّ الغرق فيكِ أهون من النجاة بعيداً عنكِ.
أُحبكِ…
لكنّ حبكِ يوجعني،
يجعلني غريباً عن نفسي،
يجعلني ظلّاً بلا ملامح،
رجلاً يقف بين الحياة والموت،
يستجديكِ ليبقى على قيد اللهفة.
يا امرأةً من غبارٍ ونجوم،
من موتٍ وحياة،
من عذوبةٍ وخراب،
أحبكِ حتى يخونني جسدي،
حتى تنطفئ لغتي،
حتى لا يبقى في داخلي إلا نزيفٌ باسمكِ،
ونبضٌ يتردّد في العتمة: "أنتِ… أنتِ."
كلما ابتسمتِ، عاد لي الكون،
وكلما التفتِ، انهار كل شيء.
أنتِ حكم القدر الذي لا يُستأنف،
اللعنة التي حملتها طائعاً،
وأنا المصلوب على بابكِ،
أستسلم لكِ كما يستسلم الدم لسيفه،
وكما يستسلم الليل لمصيره في الفناء.
كم مرةٍ حاولتُ أن أكتبكِ؟
لكن الحروف لم تحتملكِ،
والأوراق احترقت قبل أن تُكمل اسمكِ،
لأنكِ أكبر من قصيدة،
وأكثر وجعاً من أن تُحتمل في سطر،
وأكثر خلوداً من أن تموتي في نص.
أنتِ موتي الذي يتنكر في هيئة حياة،
وأنا عاشقكِ الذي يحيا ليُحبّكِ ويموت ليعود إليكِ،
أضحك وأنا أنزف منكِ،
وأبكي وأنا ممتنٌّ أنني عرفتُكِ،
فأنتِ الفقد الذي صار وجوداً،
وأنتِ الوجود الذي صار موتاً جميلاً.
أُحبكِ…
كما لم يُحبّ عاشقٌ من قبل،
كما لم ينزف شاعرٌ من قلبه،
كما لم ينتحر ليلٌ في حضن صباح،
أُحبكِ بلا قيود، بلا حدود، بلا خلاص.
كل النساء عابرات… إلا أنتِ،
كل القصص تنتهي… إلا قصّتنا،
كل القلوب تنطفئ… إلا قلبي حين يذكركِ.
كأنكِ الحقيقة الوحيدة في عالمٍ ينهار،
كأنكِ آخر وطنٍ لروحي التائهة،
كأنكِ آخر قبلةٍ تُبقي على وجعي حيّاً.
فاسمعي يا امرأة قدري:
أنا لستُ عاشقاً عادياً،
أنا عاشقٌ يهمس لموته باسمكِ،
ويُغطي جرحه بذكراكِ،
ويكتبكِ على حافة قبره،
ليقرأ العالم بعدي:
"مات عاشقاً… ولم يشأ أن ينجو."
أُحبكِ حتى النهاية،
حتى الفناء،
حتى تصير الأرض تراباً والسماء رماداً،
وأبقى أنا، بين الرماد والخراب،
أصرخ باسمكِ كآخر ما تبقّى مني…
وأبتسم، لأنّي متُّ عاشقكِ.

تعليقات
إرسال تعليق