غريبة كما البداية

بقلم: خليفة سالم الغافري


عادت كما كانت، غريبةً، لا دفءَ في صوتها، ولا ارتعاشةَ حنينٍ في أنفاسها. نظرتُ إليها طويلًا، بحثتُ في ملامحها عن ظلٍّ للأمس، عن أثرٍ لوعدٍ قديم، عن بقايا دفءٍ ظننتُ يومًا أنّه كان بيننا، فلم أجد سوى برودة الغياب تسكنها.

تساءلتُ، أكانت غريبةً منذ البدء؟

أم أنّ قلبي الطفولي ألبسها ثوب الألفة وزيّن ملامحها بالأوهام؟ كنتُ أراها وطنًا، وكنتُ أرى في ملامحها مأوى، في حين لم تكن سوى عابرةٍ مثقلةٍ ببرودها، تمضي ولا تلتفت، تحضر ولا تُقيم.

اليوم أدركتُ الحقيقة؛ لم يكن الرحيل سوى امتدادٍ لحضورها، ولم يكن الفقد إلا كشفًا لوهم القرب.

هي لم تتغيّر، بل أنا من كنتُ أكتبُ لها قصائد الألفة وألوّن غيابها بحبر الانتظار.

غريبةٌ كما كانت، بل ربما لم تكن يومًا إلا غريبةً، وأنا من أغرقتُ نفسي في سرابِ الحنين.



تعليقات