"السعادة في التفاصيل الصغيرة"

بقلم : سميرة أمبوسعيدية

السعادة ليست ضوءًا صارخًا يقتحم فجأة،

بل بريقًا وادعًا… يولد من أشياء لا تُلمَس بالعين،

لكن تُستشعر بالوجدان.


قد تكمن في لحظة سكون تغمرها السكينة،

أو في قدح شاي تتشاركه مع من تهوى،

في دعاءٍ يتسلّل من قلب أم،

أو في أنشودة قديمة تعيدك إلى زمنٍ كنت فيه آمنًا.


نحن نُشَيِّد السعادة حين نكفّ عن مطاردتها في الأفق،

ونشرع في مهادنة اللحظة،

وفي مصالحة قلوبنا المُنهَكة، وأرواحنا التي تحتاج دفئًا أكثر من إنجاز.


السعادة لا تُعلن حضورها بالصخب،

بل تُوشوش:

"أنا هاهنا… في أبسط ما تملك، إن أصغيت لي."


فلا تترقّبها في المواعيد الفارهة،

قد تكون الآن،

في زفراتك… وفي خيط نهارٍ تسلّل من نافذتك برفق،

وأنت لا تزال تغتسل بنعمة البقاء.


السعادة عهدٌ مع القلب… لا ثمرة ظرف.


ليست السعادة قصرًا من ذهب،

ولا رحلة مترفة، ولا وعدًا مؤجَّلًا في الغد…

السعادة، يا صديقي، تُقيم في الجزئيات،

في فنجان قهوة يُعَدُّ بمحبّة،

في ضحكة طفلٍ تُنعش الأرجاء حياة،

في لمسة يدٍ تُطمئن روحك بلا لفظ.


نصنع السعادة حين نثمّن العادي،

حين نُغلق أعيننا لنستشعر هبة الهواء،

وحين نُمسك بورقة دوّنا عليها حلمًا قديمًا…

وما زلنا نُصدّق إمكانه.


السعادة لا تتطلب وفرة…

بل قلبًا يُحسن البصيرة،

ويرى الضياء في زوايا معتمة،

ويهمس لنفسه: "ما دام القلب يخفق، فالحياة ندية."


فابحث عن السعادة في داخلك،

في ابتسامة، في دعاء، أو فسحة صمت…

تلك أيسر الأشياء، لكنها تنسج أبهى حياة.


 قلب من ورد


تعليقات