بقلم: زينة سليم سالم البلوشي
الجزء الثاني: اكتشاف الجريمة
في صباح اليوم التالي، كانت الخادمة "مريم" تمارس روتينها اليومي المعتاد من تنظيف وترتيب وإعداد الطعام، لكنها لاحظت أن الوقت قد تأخر، وأن سيدها لم يستيقظ بعد. استغربت ذلك، فليس من عادات سيدها التأخر في الاستيقاظ؛ فهو إنسان دقيق في كل تفاصيل حياته، ولا يحب تغيير روتينه اليومي. شعرت بالقلق الشديد، وتملكها الخوف، فاتجهت إلى غرفته.
بدأت تطرق الباب عدة مرات، لكنها لم تحصل على أي إجابة. قررت الدخول لترى بنفسها، وما إن دخلت الغرفة، رأت أنها مرتبة تمامًا كما تركتها بالأمس، وكأنه لم ينم فيها أحد. تعجبت من الأمر، وقررت التوجه إلى مكتبه، فهي تعلم أنه إن لم يكن في غرفته، فهو بالتأكيد في مكتبه.
ذهبت مسرعة إلى المكتب وبدأت تطرق الباب، لكنها لم تحصل أيضًا على أي إجابة. ما أكد لها وجود سيدها في المكتب هو رائحة النار المنبعثة من المدفأة. بدأت تطرق الباب مرة أخرى وتنادي: "سيدي، هل أنت بخير؟"، لكن دون أي رد. شعرت بالخوف والقلق الشديدين، لأنها لم تعتد على هذا الوضع، فركضت مسرعة إلى الأسفل، وكانت مشاعر الذعر تسيطر عليها تمامًا.
بدأت تبحث عن أي أحد من أفراد العائلة، فوجدت "عصام آل عيسى"، الابن الأكبر لمحمد آل عيسى، والذي كان يبلغ من العمر 24 عامًا، جالسًا على طاولة الإفطار يتناول وجبته. نادته: "أستاذ عصام، والدك لم يخرج اليوم ولم يستيقظ. عندما ذهبت لتفقده في الغرفة، رأيتها كما هي، وهذا دليل على أنه لم ينم فيها حتى الآن. ذهبت إلى مكتبه، وهناك رائحة دخان قوية، يبدو أنها من المدفأة، وطرقت الباب عليه كثيرًا لكنه لم يفتحه. هذا ليس من عاداته، فوالدك حريص وملتزم بروتين حياته ولا يريد تغييره."
بدأ الخوف يتسلل إلى قلب الابن، لكنه حاول ألا يظهر ذلك أمام الخادمة، ورد قائلاً: "ربما أراد أن يأخذ قسطًا من الراحة ولن يزعج أحدًا. سأذهب للاطمئنان عليه الآن."
صعد "عصام" الدرج بخطوات بطيئة، والشعور بالقلق يزداد داخله، لكنه حاول إقناع نفسه بأن والده بخير. لحقت به "مريم". وعندما وصل إلى الباب حاول فتحه، لكنه لم يستطع، لأنه كان مقفلًا بإحكام. بدأ بالصراخ: "أبي، هل أنت بخير؟ أبي، أرجوك رد علينا، نحن قلقون عليك!"، لكن لم يكن هناك أي رد.
هنا بدأ الخوف يتملك "عصام"، فطلب من الخادمة إحضار المفتاح الاحتياطي ليتمكنا من فتح الباب. ركضت مريم سريعًا وأعطته المفتاح، لكنه لم يستطع فتحه أيضًا، إذ كان المفتاح موجودًا من الداخل. سيطر الارتباك على "عصام" و"مريم"، فطلب منها استدعاء حارس القصر لكسر الباب معًا.
ذهبت مريم لاستدعاء الحارس، الذي يدعى "سيف"، وجاء سريعًا. معًا قاموا بكسر الباب، وما إن دخلوا، صُعقوا مما رأوه، فتجمدت الدماء في عروقهم من هول الموقف. كان السيد "محمد آل عيسى" جالسًا على كرسيه المقابل للمدفأة، ورأسه مائل بطريقة مرعبة، وعيناه مفتوحتان بشكل يوحي بأنه قد فارق الحياة. كان وجهه مزرقًا وشاحبًا، وعجز الثلاثة عن الكلام أو الحركة، وكأنهم لا يصدقون ما يرونه.
فجأة، صرخت الخادمة بصوت عالي ملأ أرجاء القصر: "مات… مات… مات… سيدي!" بدأ "عصام" ينهار من شدة الصدمة، وطلب من الحارس الاتصال بالشرطة فورًا لتصل إلى القصر بأسرع وقت.
يتبع…
تعليقات
إرسال تعليق