بقلم: حسين الشرقي
قلتُ لها:
ـ هل تعلمين… أني حين أراك، أشعر وكأن قلبي يكتب رسائل لن تصل أبداً، وأني أنا الرسالة وأنا أيضاً المرسل والمستقبل؟
قالت:
ـ ربما لأنك تبحث عن نفسك في عيوني، بينما أنا أبحث عنك في صمتك، في خفقاتك التي تهرب منك قبل أن تُسْمَع.
قلتُ:
ـ ولماذا إذن كلما اقتربت منك، شعرت بأن العالم ينهار حولنا؟
قالت:
ـ لأنك تعرف أن ما بيننا لا يمكن أن يكون عادياً… الحب بيننا ليس رحلة، بل انفجار مستمر، نرتجف فيه ثم ننهار لننهض معًا.
قلتُ:
ـ أحيانًا أخاف منك… أخاف أن تكوني كل شيء وألا أستطيع امتلاكك إلا في أحلامي.
قالت:
ـ وأخاف منك أنا أيضًا… أخاف أن تتركني أعيش وحدي بين أصداء قلبك، وأنا أريد أن أسمعك، لا أن أخمنك.
قلتُ:
ـ حين أكون معك، أشعر أني أُحلّق بلا أجنحة، وأنك أنتِ الريح التي تسمح لي بذلك.
قالت:
ـ وأنا أشعر أني أغرق فيك، بلا ماء، بلا شاطئ، بلا نجاة… لكن الغرق معك ليس موتًا، بل ولادة.
قلتُ:
ـ وماذا لو غاب نورك عني للحظة؟
قالت:
ـ سأكون فيك… في كل نبضة، في كل نفس، حتى لو لم أكن موجودة بجانبك، ستجدينني فيك، كما تجلس روحك معي الآن.
قلتُ:
ـ أحيانًا أريد أن أصرخ بحبك، أن أصرخ بكِ في وجه العالم، لكن صرختي تخاف منك.
قالت:
ـ وأنا أريد أن أضحك بحبك، أن أضحك بكِ حتى تتوقف دموعي عن المطاردة، لكن ضحكتي تختبئ خلفك.
قلتُ:
ـ نحن إذن مجنونان… مجنونان لكننا نعرف معنى الجنون.
قالت:
ـ نعم… والجنون أصدق من العقل، لأنه وحده يجرؤ على الوقوف أمام الحقيقة: أننا نحب بعضنا بلا قيود، بلا أسباب، بلا نهاية.
قلتُ:
ـ أريدك أن تعرفي… أنني لو فقدتك، سأفقد كل شيء، حتى نفسي، حتى الصمت، حتى الهواء.
قالت:
ـ وأنا لو فقدتك، سأضيع كما يضيع الليل في عتمة لا فجر لها، لكنني أعدك، لن أفلت يدك أبدًا… حتى لو سقطنا معًا في فراغ هذا العالم.
ثم جلسنا صامتين، والليل يحتضننا بعينيه الشاردة،
وكان في كل نجمة ترمش فوقنا وعدٌ غامض، أن الحب الذي بيننا، مهما كان مجنونًا، لن يموت.
قلتُ همسًا:
ـ أبقى معي… حتى لو جنّ الجنون بنا.
قالت بابتسامة لا تُرى إلا في الروح:
ـ سأبقى… لأن الجنون معك هو طريقي إلى السماء.

تعليقات
إرسال تعليق