قبل الفجر

بقلم : خليفة سالم الغافري


 قبل الفجر أصحو...

والعالم ما زال يغطُّ في نومٍ ثقيل،

أفتح عيني على سقفٍ بارد،

وأحلم لو كان السقف سماء،

والسماء بابًا إلى رحمةٍ واسعة.


أغسل وجهي بقطرات ماءٍ شحيح،

كأنني أغسل عن قلبي غبار الخيبة،

وأشدُّ على أطرافي كي لا تتثاقل،

فالحياة لا تنتظر المتعبين.


أخرجُ إلى الشارع،

والليل ما زال يجرُّ ذيولَه في الأزقّة،

أركضُ مع غيري في سكينة،

كأننا جموعٌ من الظلال تبحث عن ضوء،

لكننا لا نبحث عن الشمس،

نبحث عن كسرة خبز، عن عملٍ يقي أطفالنا برد الجوع،

عن يومٍ لا ينتهي بيدٍ فارغة وقلبٍ منكسر.


أعرف أن الحرب ليست هناك،

ليست في ساحات القتال،

الحرب هنا... في الجيوب التي تصرخ فراغًا،

في البطون التي تئنّ جوعًا،

في العيون التي تنطفئ ببطء،

وفي الأرواح التي تُقاتل كي لا تستسلم.


قبل الفجر أصحو...

وأشعر أنّني أصحو على وجع العالم كلّه،

أحمل حقائب التعب وأمضي،

أحمل الخوف من الغد وأمضي،

أحمل سؤالًا يثقل خطوي:

كم فجرًا يجب أن أسبق

كي أجد حياةً لا تهرب منّي؟


أحيانًا أرفع رأسي إلى السماء،

أتلمّس النجوم الهاربة في البعيد،

وأقول لنفسي:

ربما هناك، فوق الغيم،

مكانٌ للفقراء ينامون فيه بلا خوف،

يستيقظون بلا سباق،

يعيشون بلا حربٍ مع الفقر،

لكنني...

أعيد وجهي إلى الأرض،

وأركض،

وأركض،

وأركض...

كأنني أحاول اللحاق بحلمٍ يتلاشى كلّما اقتربت منه.


تعليقات