الهدية المشؤومهة.. الجزء الثالث والأخير

بقلم : ناصر بن محمد الحارثي 


هنا أتى كبارُ القريةِ ومشايخُها وإمامُ المسجدِ، وقالوا: "مالكِ والصغيرةِ؟" قالت: "أريدُ ما تملكُ." قالوا: "وما تملكُ؟" قالت: "العلبةَ الصغيرة!" لم يكنْ أحدٌ يعلمُ بوجودِ علبةِ السنتوبِ الصغيرةِ بيدِ أميرة، كانت الهديةَ المشؤومةَ التي جلبتْ معها هذا الرعبَ. سألَ شيخُ القريةِ أمَّ أميرةَ: "هل معَ أميرةَ علبةٌ صغيرة؟" قالت: "نعم." هنا تأكدَ الشيخُ من صدقِ العجوزِ. سألَها: "وما حاجتكِ إليها والصغيرةِ؟" قالت: "لأمرٍ مهمٍ لا تعرفونهُ كلكم، أنا فقط من يعرفُه." هنا ملأَ الخوفُ المكان، فلم يكنْ أحدٌ يعرفُ ما هو السنتوب، وما علاقتهُ بأميرةَ. وبعدَ عدةِ محاولات، وبعدَ أن أفاقَ والدُ أميرةَ من إغمائه، قال: "خذي ما تشائينَ، واتركي ابنتي الصغيرة." قالتِ العجوزُ: "لا بأسَ. فلتخرجْ الصغيرةُ ومعها العلبةُ، ولن يصيبها مكروهٌ أمامكم جميعاً." قال الشيخُ: "وهل تُعطينا عهدَكِ بذلك؟" قالتْ: "نعم، أعدكم."

​اقتربَ والدُ أميرة من البابِ وقالَ لزوجتهِ: "افتحي البابَ وأحضري أميرةَ، فلن يصيبها مكروهٌ، كلنا هنا معكم." فتحتْ أمُّ أميرةَ البابَ، وخرجتْ أميرةُ وهي ترتعدُ من الخوفِ، وعلبةُ السنتوبِ بينَ يديها، والأنظارُ كلُها تترقبُ المصيرَ. أخذتِ العجوزُ مكانها أمامَ أميرة، وأصواتُ الخوفِ همساتٌ في أذنِ الزمن. مدّتِ العجوزُ يدَها المترهلةَ، وأظفارُها الطويلةُ نحو الطفلةِ، خافَ الجميعُ، واستعدَّ والدُ أميرةَ للانقضاضِ عليها إذا ما أخلفتْ وعدَها. يقولُ العم حمد: "كنتُ أتمسكُ بملابسِ والدي الشيخِ بشدةٍ، وأنا أرتجفُ خوفاً، ما الذي سيحدثُ لأميرةَ؟"

​أكملَ العم حمد قصتَهُ، وقال: "أخذتِ العجوزُ تمدُّ يدَها ببطءٍ، إلى أن وصلتْ إلى أميرةَ، لتمسكَ بعبوةِ السنتوب. وأميرةُ تتمسكُ بها بشدةٍ وتقولُ: "هي هديتي، اتركيها!" قالتِ العجوزُ: "أعطيني العلبةَ"، وأخذتْها منها بقوةٍ، والجميعُ في ذهول. ركضتْ أميرةُ إلى والدها وهي تبكي، وهو يضمُّها ويقولُ: "لا بأسَ يا صغيرتي، لا تبكي."

​أخذتِ العجوزُ العلبةَ وتوجهتْ إلى غرفةِ المعيشةِ وسطَ دهشةِ الجميع. فإذا بها تثقبُ علبةَ السنتوبِ بأسنانها الصفراءِ، وتشربُ العصيرَ حتى آخرِ قطرةٍ فيه. ثم نفختْ فيها، وألقتها على الأرضِ وداسَتْ عليها بكلِّ ما أوتيتْ من قوةٍ، ثم "بووووووف" انفجرتِ العلبةُ الصغيرةُ محدثةً صوتاً مدوياً، ذهِلَ منهُ الجميعُ. ومن ثمَّ خرجتِ العجوزُ من البابِ وسلكتْ طريقَها إلى الجبالِ والوديانِ، وكانَ ذلكَ آخرَ عهدٍ لنا بها. بقيَ الجميعُ في ذهولٍ وحيرةٍ، وعلبةُ السنتوبِ تقبعُ في مكانها شاهدةً على يومٍ مخيفٍ لم تشهدْهُ القريةُ من قبل. وهنا اشتهرَ السنتوبُ، وصارَ قصةً تُحكى في كلِّ مكانٍ وزمانٍ إلى يومِنا هذا.

​انتهت القصة.


ملاحظة :طبعا القصة هي من وحى الخيال كان الكبار يقوصونها علينا ونحن صغار باللهجة العامية وبطرق مختلفة ليدب الخوف في قلوبنا من أحداث القصة و الساحرة الشريرة لكن تكون النهاية عكس ما توقعنا ويضحك الجميع.

أحببت أن اعيد ذكريات هاي القصة ولكن بأسلوب جديد ومختلف يتناسب مع المنصة.

تعليقات