سافر ففي الأسفار خمس فوائد، الجزء الثالث والأخير

يستحضرها: إسحاق الحارثي 


استكمالا لموضوع استحضار قصص السفر و أدب الرحلات والذي وصلنا فيه إلى كتابة الجزء الثالث والأخير من رحلتي الأولى إلى قارة أوروبا وبالتحديد بريطانيا وإسكتلندا.

بعد وصولي إلى لندن بعد منتصف الليل كان الأخ العزيز الأستاذ حمد بن عبدالله بن صخر العامري في انتظاري بصحبة الأخوة الأعزاء الأستاذ محمود بن مبارك الفوري والدكتور خالد بن عبدالله المحرمي واللذان التقيتهما لأول مرة في لندن حيث كانت إقامتي في ضيافتهم إبان فترة دراستهم الجامعية في لندن وخير من عرفتهم وصاحبتهم طيلة فترة وجودي في لندن إلى جانب الأخ العزيز والصديق الجميل الأستاذ حمد بن عبدالله بن صخر العامري الذي تجمعني به علاقة قديمة قبل سفري إلى لندن حيث كنت يوما من الأيام في ضيافة والده المغفور له بإذن الله تعالى سعادة عبدالله بن صخر العامري رحمة الله تعالى عليه فقد كنت سبق وأبلغته أنني أنوي السفر إلى لندن فأشار علي أن أزور ابنه حمد الذي يدرس في لندن حينها كان حمد موجودا في نفس الوقت وقد رحب بهذه الزيارة وأعطاني العنوان ورقم الهاتف ومن حسن الحظ أنه بعد نهاية زيارتي من إسكتلندا، فقلت لابأس أن تكون محطتي الأخيرة لندن ومنها المكوث بها لبضعة أيام .


لم يقصر معي حمد ورفاقه فقد احتفوا بي وعرفوني على أصدقائهم، أذكر منهم الشيخ سامر بن أحمد النبهاني وشخص أخر رواحي لا أتذكر اسمه إلى جانب أصدقاء من دولة قطر وبعضهم من دول الخليج والدول العربية حينها كنا في ريعان الشباب حيث كنا نطوف ونجوب شوارع لندن وحدائقها وأسواقها ومحلاتها التجارية الشهيرة وبقية أماكنها السياحية التي كانت في تلك الفترة الأشهر على مستوى دول العالم.


طرحت الجامعة التي يدرس فيها حمد عرض رحلة للطلبة إلى باريس خلال إجازة نهاية الأسبوع فعرض عليّ حمد أن أستفيد من هذه الرحلة وأن أنتهز هذه الفرصة منها السفر إلى مدينة الأضواء وعاصمة الحب والرومانسية من خلال هذه الرحلة ومنها التعرف على طلبة الجامعة وأغلبهم من الولايات المتحدة الأمريكية وبعد معرفة تكلفة الرحلة التي كانت في حدود مبلغ بسيط وسعر مقنن لطلبة الجامعة فبدون تردد وافقت أن ألتحق بهذه الرحلة وتم تسجيلي في هذه الرحلة وتم استخراج التذكرة وفي يوم الرحلة أخذني حمد إلى مقر الجامعة وأوصلني إلى الحافلة التي سوف تنطلق عبر ميناء مدينة دوفر البريطانية والوصول إلى ميناء مدينة كاليه الفرنسية 

نحن وباصنا الذي يقل ما يقارب ٥٠ طالبا وطالبة.


يالها من مغامرة كيف لي أن ألتحق بمجموعة طلبة جامعة لا أعرفهم ولا يعرفوني وأن أنخرط معهم لمدة ثلاثة أيام فقد تأقلمت وانسجمت معهم بدون أي خوف وتردد وجُبنا شوارع الشانزليزية ونهر السين وقوس النصر ومتحف اللوفر ولأول مرة أتعرف على مترو الأنفاق في باريس أتذكر يومها تأخرنا في التنزه في شوارع باريس وعند وصولنا للمحطة الأخيرة كانت الأبواب موصدة للدخول للمحطة لكن الميترو لازال يعمل حتى منتصف الليل فإذا بالرفاق الطلبة يقتحمون أبواب محطة الميترو ويسارعون للحاق بالمترو الأخير الذي سوف يوصلنا إلى أقرب محطة لفندق الإقامة الذي عرفت مكانه لاحقاً بعد زياراتي المتكررة إلى باريس .


كانت هذه الزيارة الأولى لفرنسا وبالتحديد لباريس فقد أبهرتني بسحرها وجمالها ولغتها التي تعلمتها لاحقاً وأتقنت تحدثها.


بعد عودتي من باريس إلى لندن استقر بي الحال لكذا يوم بضيافة الشباب وبعدها حانت العودة إلى مسقط بعد رحلة ممتعة تعرفت فيها على ثقافة الشعوب وبدون شك اكتسبت منها الكثير من المعرفة والتعرف على عادات وتقاليد الشعوب من قابلتهم ومن تعرفت عليهم ومن عشت معهم .


وقبل الوداع أهداني الأخ العزيز والصديق الجميل الأستاذ حمد بن عبدالله بن صخر العامري آلة عود عبارة عن تحفة فنية شرقية مرصعة بالزخارف والنقوش وهذه الآلة مثلما أخبرني حمد بأنها صنعت خصيصا لوالده المغفور له بإذن الله تعالى سعادة عبدالله بن صخر العامري وقد اصطحبها حمد معه إلى لندن كذكرى من والده رحمة الله تعالى عليه وقد أحب أن يهديني هذه الآلة التي أبهجتني وفرحت بها وتعد بالنسبة لي أول آلة موسيقية أحصل عليها كهدية قيمة من لدن شخص عزيز وغالي.


ودعت جميع الشباب متجها إلى مطار هيثرو بلندن وأنا أحمل حقيبة العود معي نظراً لقيمتها المادية ولحساسية أهميتها المعنوية وكل من ينظر لي يفتكرني قد أنهيت حفلتي الغنائية بلندن وأنا حينها لا أجيد العزف على آلة العود وعند وصولي إلى منضدة تسجيل الدخول لم يسمح لي بأخذ الآلة إلى داخل الطائرة بحكم حجم الحقيبة التي بها وأودعتها في الشحن مع وضع ملصقات أن الحقيبة قابلة للكسر وبعد التوكل على الله سبحانه وتعالى أقلعت الطائرة وأنا أودع مدينة الضباب وصولا إلى مطار صوفيا ومنها إلى مسقط وحينما وصلت إلى مطار السيب الدولي كما كانت تسميته قبل أن يتحول إلى مسماه الجديد مطار مسقط الدولي ذهبت لأستلم حقائبي والشنط فإذا بالعود لم يصل من صوفيا فذهبت مباشرة إلى مكتب الاستفسار عن العفش وبعد التأكد من أن الطائرة لم تكن تحمل صندوق آلة العود فقمت بعمل بلاغ فقدان آلة العود وتم توجيهي لمكتب الشركة الناقلة وبعد مراجعات للاستفسار عن آلة العود لم أجد أي رد من قبل الشركة الناقلة ومكتب السفريات الذي قطعت منه التذكرة وترددت كثيراً على المكتب ولكن بدون فائدة فبعد ثلاثة أشهر حصلت على رسالة اعتذار من الشركة تتأسف عن هذا الخطاء الذي لم يعرف حتى كتابة الرسالة أين ذهبت حقيبة العود وهل أرسلت من مطار هيثرو أم فقدت في مطار صوفيا.


على العموم قامت الشركة بتعويضي بمبلغ وقدرة ١٠٠ دولار أمريكي نظير فقدان الحقيبة طبعا مبلغ آله العود والتي تعد تحفة فنية كلاسيكيه لا تقدر بثمن إذ لم تكتمل فرحة امتلاك تلك الهدية الراقية.


وبعد هذه الرحلة المليئة بالمغامرات والأحداث المشوقة عدت لأعيش تفاصيلها وأسردها بعد مضي٣٣ عاماً للتوثيق و سرد ما لم يعرف أحد تفاصيلها أو ربما من كان يعرف القليل منها ويكاد يكون نساها استحضرتها في ثلاثة أجزاء أتمنى أن أكون وفقت في وصف وسرد الأحداث كما هي بصورة مبسطة وعفوية.

تعليقات