السندريلا العراقية والساحر اليمني. .الفصل الرابع.

بقلم. فايل المطاعني 


في الليلة التالية، التزمتُ بوعدي وجلستُ أنتظر صوتها. لم يتأخر رنين الهاتف طويلًا، وجاءني صوتها هذه المرة مترددًا، ممزوجًا بخوف لم ألمسه من قبل.


قالت:

– "أتعلم؟ لم أستطع النوم البارحة. كل كلمة قلتها لك أمس كانت كالشوك في صدري. ذلك الاعتراف لم يكن عابرًا... بل كان بداية سيل من الأسرار التي لا أستطيع حملها وحدي."


سألتها بقلق:

– "هل كنتِ واثقة أنه لم يكن يمزح؟ ربما أراد فقط أن يثير فضولكِ، أو يختبر ردّة فعلك."


قاطعتني بسرعة:

– "كلا! لقد أثبت لي صدق كلامه. كنت أسمع أصواتًا غريبة عندما أتحدث معه، أصوات صفير وهمسات لا يسمعها سواي. مرة كنت أحدثه عبر الهاتف، وإذا بصوت امرأة أخرى يتسلل إلى أذني، تقول بلهجة ساخرة: (لن تناليه مهما فعلتِ). تجمد الدم في عروقي! وعندما سألته، ضحك وقال: (هذه إحدى جواري الجن، تحب أن تعبث قليلًا)."


ارتجفتُ وأنا أسمعها تروي تلك التفاصيل، لكنها تابعت دون توقف:

– "كنت بين نارين: قلبي الذي تعلّق به، وعقلي الذي يرفضه. كلما حاولتُ الابتعاد، كان يظهر لي في أحلامي، يهددني أحيانًا، ويغويني أحيانًا أخرى. قال لي مرّة: (لن تتزوجي غيري، سأظل ألاحقك حتى ترضخي لي). ومع ذلك... لم أستطع كرهه تمامًا."


تنهدت بعمق ثم أردفت:

– "أتدري أين كانت الطامة الكبرى؟ في تلك الليلة التي طلب مني فيها أن أزوره سرًا. ترددت كثيرًا، لكنني ذهبت. ما رأيته هناك لا يمكن أن أنساه... غرفة مليئة بالكتب القديمة، بخطوط غريبة، ورائحة بخور خانقة، وأصوات تلاوات معكوسة لا تشبه القرآن، بل كأنها استهزاء به. حينها فقط أدركتُ أنني وقعت في شرك رجل باع نفسه للشياطين."


صمتت قليلًا ثم همست:

– "كنتُ أصرخ داخلي، لكن لساني انعقد. لم أهرب إلا عندما سمعت أذان الفجر من مسجد قريب، كأن الصوت مزّق الحجاب الذي كبّلني. ركضتُ إلى بيتي مذعورة، ومنذ ذلك اليوم وأنا أعيش صراعًا لا ينتهي."


أردتُ أن أواسيها بكلمات تطمئنها، لكنها أغلقت الخط فجأة، تاركةً في قلبي ألف سؤال بلا جواب.


وللحكاية بقية…

تعليقات