من الذكريات..الجزء الثالث

بقلم: فايل المطاعني

السندريلا العراقية والساحر اليمني


"إهداء إلى المرأة التي أعطت، ولكن القدر لم يسعفها 

لتكملة عطائها"

التقيتُ به ذات يوم، وأنا اتابع أحد البرامج التلفزيونية المخصّصة للشعراء. قالت لي:

– "أنا من عشاق الشعر، كنت أحرص على متابعة ذلك البرنامج وحفظ بعض القصائد التي تعجبني. وهناك شدّني شاعر يمني شاب، في أواخر الثلاثينات من عمره. لا أعلم لماذا اهتممتُ به تحديدًا... ربما كان الفضول، وربما رغبة في اكتشاف المجهول."

سكتت قليلًا، ثم أضافت بصوت خافت يكاد لا يُسمع:

– "صحيح أنني أُعجبت بشعره، لكن ذلك لا يمنحني الحق في اقتحام حياته. ومع ذلك... الفضول كاد يقتلني. أردت أن أتعرف عليه بأي طريقة، حتى حصلت على رقمه، وبادرت بالاتصال."

كنت أستمع إليها مأخوذًا بالدهشة. هل يُعقل لفتاة بوعي هذه الحسناء العراقية أن تقدم على خطوة كهذه؟ قلت لها متسائلًا:

– "وماذا بعد؟"

ابتسمت بحزن وأجابت:

– "حين سمعت صوته لأول مرة، لم أشعر بخوف أو قلق. بل شعرت براحة نفسية عجيبة... خصوصًا بعد تجربة زواجي الفاشلة. وهو لم يستغرب اتصالي، فالشعراء اعتادوا على المعجبات. استقبلني بحفاوة، وكأن كلانا كان يبحث عن الآخر. استمرت علاقتنا فترة طويلة، وتقدم لي أكثر من مرة، لكن والدي رفضه... وأنت تعلم الأسباب."

قالتها بنبرة يختلط فيها الألم بالخذلان. ثم تابعت:

– "مع مرور الوقت، اكتشفت أنه لا يصلي، ولا يطيق سماع القرآن، ولا يذكر الله. بينما نحن كمسلمين لا تفارقنا كلمات التسبيح والابتهال والشكر. كنت أقول له: والدي سيوافق، علينا بالصبر. لكنه كان يرد: (لن يوافق، أنا أعلم ذلك... لدي علم)."

توقفت لحظة، ثم نظرت إليّ بعينين يكسوهما الذهول:

– "كان يكرر كلمة (علم) دائمًا. في البداية ظننته يمزح. لكنني أجبرته ذات يوم على أن يوضح. وبعد تردد، اعترف لي بما قلب حياتي إلى كابوس. قال: (أنا ساحر... لست ساحرًا عاديًا. لدي مرتبة عالية، ومعظم المردة والشياطين يطيعونني)."

لم أستوعب حديثها. أهذه حقيقة أم محض خيال؟ أعرف أن الخيال يلوّن حياتنا، لكنه لم يخطر ببالي أن يبلغ هذا الحد. ومع ذلك، الفضول جعلني أتشبث بالقصة، وأصغي لكل كلمة.

وفجأة، سكتت السندريلا حين ارتفع صوت المؤذن منادياً: "حي على الصلاة...". أغلقت الحكاية بعجالة قائلة:

– "سأكمل لك غدًا، لكن أريد منك وعدًا... لا تنشر القصة إلا في حالة واحدة فقط..."

صمتُّ، لم أنطق بكلمة. وكعادتها، أنهت المكالمة وتركتني غارقًا في الحيرة.

وللحكاية بقية...

 قصة "الجنية" – إحدى قصص كتابي (جريمة على شاطئ العشاق).


تعليقات