القدر

بقلم : عصماء بنت محمد الكحالية 


القدرُ بابٌ لا مفاتيح له، يُفتح حين يشاء ويُغلق حين يشاء.

هو اليدُ الخفية التي تكتب تاريخ أرواحنا قبل أن نسكن أجسادنا.

نظنّ أننا صُنّاع الدروب، فإذا بنا مجرّد عابري طرقٍ رسمتها يدٌ لا تُرى.

القدرُ ليس قاسيًا ولا رحيمًا، إنما هو الحقيقة العارية التي لا تتزيّن بمشاعرنا.

إنه النهرُ الذي يغيّر مجراه دون أن يستأذن أحلامنا.

نهرب منه فنجد خطواتنا قد سبقتنا إليه، ونخاصمه فإذا به الحَكم بيننا وبين أنفسنا.

هو المعلم الجبّار، يُسقط عنّا غبار الوهم، ويتركنا عُراة أمام مرآة جوهرنا.

قد يمنحنا تاجًا في لحظة، ثم يسلبه في أخرى، ليُثبت أن الملك كلّه عنده.

وفي حضرته يسقط الغرور كما يسقط الليل أمام أول خيط فجر.

لا يُهزم القدر، لأنه لا يُقاتل أصلاً، بل يسبقنا إلى النهاية التي كُتبت منذ البدء.

إنه الصمتُ الذي يختبئ خلف صخبنا، واليقين الذي يضحك من ارتباكنا.

هو السيف الذي يجرّدنا من أوهام السيطرة، ليزرع فينا درس التسليم.

وما أرحمه حين نفهمه، وما أشدّه حين ننكره.

فمن يرضَ به ينجُ، ومن يقاومه ينهزم وهو لا يزال في مكانه.

القدر، في جوهره، ليس سجّانًا… بل بوابةٌ إلى سرٍّ أعظم: أن كل ما يحدث، يحدث لنعرف من نكون.

تعليقات