بقلم : هناء درويش
تُعد الفنتازيا من أكثر الفنون الأدبية والفكرية إثارة للخيال، إذ تتيح للإنسان التحرر من قيود الواقع والانطلاق نحو عوالم مدهشة تتجاوز حدود العقل المألوف. هي الأدب الذي يخلق "المستحيل الممكن"، ويمزج بين الحكاية والرمز والدهشة، لتمنح القارئ تجربة فريدة تتراوح بين المتعة والتأمل العميق.
أصل المصطلح
كلمة "فنتازيا" تعود إلى الأصل اليوناني phantasia بمعنى "التخيّل" أو "التصور"، وهي القدرة على تشكيل صور ذهنية لا وجود لها في الواقع. وفي الأدب، أصبحت الفنتازيا ميدانًا رحبًا لخلق عوالم جديدة، تقف في منطقة وسطى بين الأسطورة والخيال العلمي.
خصائص الفنتازيا
1. كسر الواقع: حيث تختفي القوانين الطبيعية، ويحل مكانها منطق مختلف.
2. العوالم الموازية: عوالم من السحر والخيال، تسكنها كائنات غير بشرية مثل التنانين، الجان، والأبطال الخارقين.
3. البنية الرمزية: الفنتازيا ليست مجرد متعة، بل تحمل رسائل عن الحرية، الصراع بين الخير والشر، أو نقد الواقع.
4. زمن مفتوح: الأحداث قد تجري في الماضي السحيق، أو المستقبل الغامض، أو في "لا زمن" غير محدد.
الفنتازيا في الأدب العالمي
برزت الفنتازيا بقوة مع روايات مثل سيد الخواتم لـ"تولكين" التي أرست ملامح الأدب الفانتازي الحديث، وسلسلة هاري بوتر لـ"ج. ك. رولينغ" التي جعلت ملايين القرّاء يعيشون تجربة السحر والمغامرة. كما نجد آثار الفنتازيا في الأساطير القديمة مثل "الإلياذة" و"الأوديسة".
الفنتازيا في الأدب العربي
الأدب العربي زاخر بروح الفنتازيا منذ القديم، مثل قصص ألف ليلة وليلة بما تحويه من جن وسحر ومغامرات، وكذلك "حي بن يقظان" لابن طفيل التي تمزج الفلسفة بالخيال. وفي العصر الحديث، وظّف كتّاب عرب الفنتازيا كأداة رمزية لنقد الواقع السياسي والاجتماعي.
تأثير الفنتازيا
على القارئ: تمنحه القدرة على الحلم، وتفتح مداركه نحو احتمالات غير مألوفة.
على الفن: امتدت الفنتازيا إلى السينما والألعاب الإلكترونية، فصارت صناعة متكاملة تدرّ المليارات.
على الفكر: تكشف عن قدرة العقل الإنساني على التخيّل بوصفه أداة للتغيير، لا للهروب فقط.
الفنتازيا ليست هروبًا من الواقع كما يظن البعض، بل هي رحلة في عوالم اللاواقع لاستكشاف جوهر الواقع ذاته. إنها مرآة رمزية تعكس صراعات الإنسان، وتمنحه الأمل في أن المستحيل قد يصبح ممكنًا إذا آمن بخياله.
تعليقات
إرسال تعليق