بقلم: سامية النبهاني
متاهات…
أجد نفسي دائمًا أرى العالم على غير حقيقته…
وكأن عينيّ تختار أن تلتقط الغرابة، وأن تسافر في زوايا مظلمة لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها.
هل اهتمامي صائب؟ هل حبي المرسل بلا حدود، بلا انتظار مقابل، كالغيث الذي يروي الأرض القاحلة… أم أنه يبتلع روحي؟
كم مرة سلّمت قلبي عطاءً بلا حساب، ليروي أرواحًا عطشى، بينما تتشقق روحي من الداخل، بلا من يسمع؟
هذه هي الحقيقة الوحيدة التي أعترف بها: أن العطاء أحيانًا يكون قيدًا، وأن الاهتمام قد يحرق الداخل قبل الخارج.
عطاؤك الذي لم يُثمر، واهتمامك الذي لم يُحتضن، ترك شظايا في داخلي… فجُرحت خفايا روحي بألم لم أتوقعه.
لكن ذاب جليد روحي، وأيقظ بداخلي أنين وحدتي… صمتٌ لم أجد له جوابًا سوى صدى غبار السنين، الذي أزال الحواجز وأيقظ الحنين العميق.
كنت أعلم أن الكمال لله وحده…
ورغم ذلك، كان اهتمامي بك عالمًا متكاملًا، سكنت داخلي، ملاذًا لك، ومسكنًا لكل همساتي التي ارتوي بها.
أراك نجمًا في أعالي السماء، بعيدًا جدًا، وأصرخ إلى سمائه كلما هزني الشوق… ليؤنس وحدتي في ظلال الأيام.
وأسأل نفسي: هل كان اهتمامي سببًا في بعدك؟ في جفاء حضورك؟
كنت قريبًا… ثم كنت بعيدًا… كنت بين كل شيء، بلا تفسير، بلا عنوان.
مسافات شاسعة بيننا، وزوايا صمت لم تعرف أن تقول: أين أنت؟ أين أجدك؟
هل في زحام الطرقات التي تبعثرت فيها الأمنيات؟ كنت أمنيتي التي لم تتحقق، رغم كل اهتمامي وتضحياتي.
أراجع صفحات اهتمامي… أبحث عن حروف لم تظهر نقاطها، عن كلمات لم أعرف لها معنى…
أتصفح معاجم الروح، أبحث عن تفسير يرشدني، عن شعاع يضيء لي متاهاتي…
هل اهتمامي لم يجد في قلبك ذرة احتواء؟
لم أبالغ في تفسير كلماتي، فهي الحقيقة التي حملتها روحي، والجرس الذي لا يكذب أبدًا.
الاهتمام… ليس كلمات تُقال، بل نبضات تُحس… في الرسائل التي لم تُرسل، في الأسئلة التي لم تجد إجابة، في الغياب الذي ليس له تفسير… غياب حضورك، وهو أقسى من كل ألم مرّ بي.
أجد نفسي في متاهات لا نهاية لها… متاهات لا توصلني إليك…
قد يكون الاهتمام أعمق من الحب… فإذا رحل الاهتمام، رحل معه كل شيء…
تعليقات
إرسال تعليق