بقلم: ناصر بن محمد الحارثي
في جبال الروكي الأمريكية، بينما كان رجل في الأربعين من عمره يتتبع خيوط الشمس بين الصخور، وجد قطعة من السماء قد سقطت على الأرض: بيضة نسر أمريكي أصيل انزلقت من عشها البعيد. لم يستطع الوصول إلى ذلك العش الذي كان بمثابة عرش في الغيوم، فأخذ البيضة ووضعها في عش دجاج في حظيرة قريبة، وكأنما وضع نجمة في قاع بئر مظلم.
فقس النسر، ونمى بين الفراخ، لكنه كان صديقًا للنجوم في عالم لا يرى إلا الأرض. لم تتوانَ الأم عن تربيته، مع أن أجنحته كانت همسةً من الريح بين ريش أبنائها الصغار. عاش النسر حياته كلها معتقدًا أنه دجاجة. كانت أجنحته التي تخفي سماءً كاملةً، ترتجف على الأرض بحثًا عن دودة، وكأنها طيٌّ لجناحي الأحلام. كانت محاولاته للطيران مجرد همسات خجولة في وجه الريح، لا تزيد عن مسافة حُلم لم يكتمل.
مرت السنوات، وأصبحت أجنحته الذهبية تحمل ثقل السنين. في يوم من الأيام، رأى في السماء مرآةً ذهبيةً تعكس روحه المنسية، رأى نسرًا يتزوج الريح ويسكن الغيوم. نظر النسر العجوز إلى الأعلى بإعجاب، فسأل: "من هذا؟" فأجابه الديك العجوز: "هذا هو النسر، ملك الطيور وحارس السماء، وهو ينتمي إلى السماء الشاسعة. أما نحن، أبناء الأرض، فننتمي إلى هذا التراب."
في تلك اللحظة، شعر النسر بقلبه ينكسر. نظر إلى جناحيه الذهبيين الطويلين، ثم إلى الأرض، وأدرك أن كل رفرفة وكل حلم كان يطارده في صمت، كان مجرد ذكرى من قدره المنسي. كان يعلم الآن من هو، ولكنه لم يعد يعرف كيف يكون ذلك الطائر الذي ينتمي إلى السماء. فاستدار بصمت، وعاد إلى الحظيرة، حاملاً على عاتقه ثقل ما كان يمكن أن يكون، وما أصبح عليه."
وهكذا، عاش النسر ومات، وجناحاه القويان ظلتا كتابًا مغلقًا لم يقرأ منه أحد شيئًا. عاش ومات على سجّاد الأرض، بينما كان قدره أن يكون سيد السماء.
العبرة من القصة
عندما تعيش بين الدجاج، من الصعب أن تحلق مثل النسر. أفكارك وسلوكياتك تتأثر بشكل كبير بالأشخاص الذين تختلط بهم. قد تحدد إمكاناتك في كثير من الأحيان البيئة التي تحيط بك والقناعات التي تتبناها بناءً على ما يفعله معظم الناس من حولك.
تذكر دائمًا أنك تستطيع أن تحقق أكثر بكثير مما تراه أو تفعله يوميًا. آمن بقدرتك الحقيقية على التحليق عاليًا، بغض النظر عن الظروف المحيطة بك، وتذكر دائمًا أن مكانتك الحقيقية لا يحددها الآخرون، بل يحددها إيمانك بنفسك وإيمانك بربك.
تعليقات
إرسال تعليق