خذلان بطعم الذاكرة

بقلم : زينة سليم سالم البلوشي 


لم أكن أعلم أن الخذلان لا يُنسى…

صدقوني، لو أنني علمت هذا مبكرًا،

لما سلمت قلبي لمن خذلني مرارًا وتكرارًا.


كنتُ أنام كل ليلة على وسادة بللتها دموعي،

وفي داخلي كلمات لم تجد طريقها إلى النور.

اخترتُ الصمت كعادتي،

واحتضنت نفسي بكل ما فيها من وجع،

ضممت قلبي المكسور وكأنني أحاول أن أمنعه عن النبض من جديد.


حاولت أن أجرّده من المشاعر،

أن أعلّمه القسوة، أن أُطفئ فيه بقايا الحنين،

لكنه أبى… لا يزال ينبض حبًا لمن خذلني!


لم أكن أعلم كيف أعيش من جديد،

في كل مساء، أحاول إقناع نفسي 

نعم، نفسي التي أصبحت عدوتي من أجله 

أن تنساه.

لكنني لم أكن أعلم أن النسيان مستحيل،

وأن الخذلان لا يُمحى… بل يُنقش في الذاكرة،

كأنه وُثق بمادة لا تعرف الزوال.


كنتَ روحي، لا تفارق طيفي،

ثم صرت كالغريب… تمر من أمامي دون أن تبالي.

غرتك الحياة، ونسيت كم فعلتُ لأجلك.

كنتَ قاسيًا، لا تستحق تلك المشاعر الصافية التي كانت تنبض لأجلك.


كنتَ تعدني بأنك لن ترحل، لن تخذلني…

فكنتَ أول من رحل!

رحلت بصمت، دون تبرير، دون كلمة،

وكأنني لم أكن شيئًا في حياتك.


الخذلان ليس مجرد ألم عابر…

إنه طعم، طَعم مرّ لا يغادر الذاكرة،

يلتصق بالروح كأنه جبل من الحزن،

صامد، لا شيء يهدمه.


كلما حاولت نسيانك،

عادت الذكريات تشهق باسمك،

كأن نسياني لك خيانة جديدة.


لكنّي سأنساك،

ليس لأن قلبي لا يزال يحبك، بل لأنك قد نسيتني بالفعل،

لأنني لم أكن في أولوياتك،

ولم أكن يومًا جزءًا حقيقيًا من حياتك.


سأحاول، وسأقاوم،

لن أستسلم لمشاعر لم تُقَدَّر.


ولكن…

هل هناك من يعيش نفس الدوامة؟

هل هناك من يشعر بما أشعر به؟

هل هناك من خذلهم من كانوا ذات يوم… الحياة كلها؟

تعليقات