أي سرٍّ يجعل الحنين لا يشيخ؟

بقلم : عصماء بنت محمد الكحالية 


لكَ في قلبي بقايا روح، ولكَ في أنفاسي حضورٌ لا يختفي. لكنك باقٍ في وجداني، شعلةٌ لا تنطفئ، ورونقٌ لا يخفت. فلتكن ذكراك في قلبي مجرى ضوء، لا ينحسر، ولا يفقد صفاءه مهما طال الزمان.


لكَ في أعماق نفسي مقامٌ لا يُطال، ونورٌ سرمديٌّ لا يُطفأ، وجمالٌ عصيٌّ على الإدراك. فلتظل ذكراك في قلبي ينابيع فيّاضة، لا تنكمش أغصانها ولا ينقطع عبيرها، وإن امتدّ العمر بين طبقات الدهر.


تتسلل أنفاسي بين ملامحك كوشوشة أبدية، نغمةٌ لا تغادر أوتار الحنين، توقظ حصون الذاكرة وتهزّ صمت الغياب بقوةٍ لا يعرفها إلا من لمس سرّك. أنت الإشراقة التي لا تغيب، والدفء الذي يذيب صقيع الفقد، وينسج من خيوط الأمل ستارًا يحجب عني قسوة البُعد.


في غيابك صار قلبي مسرحًا لأناشيد صامتة، تتردّد في صدري، وتُخطّها الذاكرة على رقائق الشوق، فتذوب كل وخزة ألم، وتتلاشى قطرات الحنين في أفق لا متناهٍ لا يبلغه إلا من عرفك.


كل زاوية في داخلي تتشكّل بملامحك، وكل لحظة تمر كأنها خيط من الزمن أتمسك به، فلا يسطو العمر على أثرك، ولا ينتزعك من أعماق روحي، فأنت منبع النور وسرّ الأسرار.


وأنا هنا، أتنفس أطيافك، أقتات من صدى كلماتك، وأجد في همسك دواءً للغرق في ظلمات الغياب، أرتشف من وهجك ما يبدّد عني إغواء النسيان، ويتراءى لي في كل نبضة علوّك الدائم.


لقد أيقنت أن الأرواح لا تفنى، وأنك قائم في جنائن قلبي كنبتة أبدية، تتفتح مع كل ومضة عشق، وتزداد توهجًا مع كل خفقة شوق.


إذا لم يكن في الروح معبدٌ، فذكراك تبنيه. كن كالمحيط، بلا نهاية، يحتضن الأسرار في عمقه، ويحفظها عن الأعين.

تعليقات