سارق القلم

بقلم :سمير الشحيمي

من كتاب العشاء الأخير 



استيقظت في الصباح الباكر ، وكعادتي أستعد لذهاب إلى عملي ، فجهزت لي زوجتي الإفطار ، اكتفيت بفنجان قهوة ، ومن بعدها هممت للخروج إلى العمل ، استوقفتني زوجتي وهي تحمل علبة بيدها ، نظرة إليها بإستغراب ، ليس هناك مناسبة للهدايا ، فنظرت إلى ساعتي قائلاً : لقد تأخرت على عملي.

 فبادلت نظرتي بأبتسامه وهي تضع العلبه بيدي.

 وخرجت مسرعاً متجهاً إلى مقر عملي ، وعندما وصلت إلى مواقف السيارات فتحت العلبه ، كان بها قلم نقش عليها عبارة (حفظك الله ، أحبك ) ، ابتسمت ودسست القلم في جيبي بسرعه وتوجهت إلى مكتبي والقيت التحيه على زميلي بالمكتب. وانغمست في عملي وبدأت استقبل أوراق المراجعين ، واستخدمت القلم الذي اهدتني إياه زوجتي ، وبعد انقضاء وقت طويل ، وأنا أرتب مكتبي وألمم أغراضي إذ لم أجد القلم ، ياترى أين ذهب؟ فبحثت عنه بين الأوراق ودرج مكتبي ولم أجده ،  أردت أن أتذكر أين وضعته ، نظرة إلى زميلي الذي يجلس خلف مكتبه وهو يتحدث بالهاتف ، فاشتبَهت بأن زميلي قد أخذه بالغلط ، أو لنقل أنه سرق قلمي.

 فشرعت بمراقبته بنظراتي ، فكانت جلسته خلف مكتبه كجلست سارق قلم .


وكان الكلام الذي ينطق به مثل كلام سارق قلم.


وتصرفاته تفضحه وكأنه سارق قلم ، فعدت إلى منزلي وأنا مستاء جداً ، ولم أخبر زوجتي بما حدث ، فبتُّ ليلتي ساهراً ، حزيناً ، أضناني التفكير مما جرى لي مع زميلي بالعمل.


وفي الصباح اليوم التالي ذهبت إلى العمل وأنا متكدر المزاج بسبب فقدان القلم الذي اهدتني إياه زوجتي.


وبصورة غير متوقعة ، وبينما كنت أقلّب أوراقي خلف مكتبي ، عَثرت على قلمي واقع تحت كرسيي الذي أجلس عليه خلف مكتبي!


وعندما نظرت إلى زميلي وهو خلف مكتبه منهمك بالعمل ، لم يظهر لي شيء ..


لا في جلسته ..!!


ولا في هيأته ..!!


ولا في سلوكه بما يوحي بأنه سارق قلم ..!!


ليلة أمس كنت أنا أكبر سارق ..!!


فعندما اتهمت زميلي ظُلماً سرقت أمانته وبراءته ..!!


وعندما بِتُّ في حزنٍ وأرق ، سرقت يوماً من حياتي ..!!


في أوقات كثيرة تحكمنا مشاعرنا ، وشكوكنا ، وظنوننا ، فنخطىء الحكم ، ونسيء لمن حولنا.


سوء الظن ‏قد يجعلك تتخيل ما لا يوجد !!


وحسن الظن ‏قد يجعلك تتجاهل ما هو مؤكد !!


حياتنا من صنع أفكارنا ..


سلاماً لتلك القلوب التي لاتظن إلا خيراً 


إنتهت.

تعليقات