النقطة السامية

 بقلم : هناء درويش 

كان هناك طائر صغير يعيش في غابةٍ كثيفة الأشجار، يطير كل يوم وراء أسراب الطيور الكبيرة ظانًّا أن مجرّد اللحاق بها سيمنحه معنى. لكنّه كان دائمًا يتعب، ويتعثّر، ويشعر أنّ جناحيه أضعف من أن يلامسا السماء.

وذات مساء، حين غابت الشمس وغمر السكون المكان، جلس الطائر فوق صخرةٍ عالية وحده، وقال لنفسه:

"لماذا أبحث عن قمّةٍ في عيون الآخرين ولا أرى قمّتي أنا؟"

أغمض عينيه، وبدأ يصغي لنبض جناحيه، كأنها موسيقى تخصّه وحده. ومع أول خفقةٍ صادقة، شعر أن الهواء نفسه يرفعه. لم يعد يحتاج إلى الأسراب، بل صار يصعد وحيدًا، بخفّةٍ وهدوء. وكلّما ارتفع أكثر، تلاشى صخب الغابة من تحته، وبقي فقط صفاء السماء.

حينها فهم أنّ النقطة السامية ليست مكانًا تُبلغه الأجنحة، بل لحظة يلتقي فيها القلب بذاته الحقيقية.


تعليقات