بقلم . فايل المطاعني
في أحد أحياء المدينة القديمة، توقّفت سيارة الشرطة أمام منزل قديم الطراز، تكسوه النباتات اليابسة، ونوافذه مغطاة بستائر سميكة.
قال رائد وهو ينظر إلى الملف: هذا هو منزل فؤاد القديم... قبل أن ينتقل إلى فيلّته الجديدة. عاش فيه مع زوجته وأختها بعد وفاة والدهن.
دخلوا المنزل بعد إصدار إذن تفتيش، بمرافقة قوة صغيرة. كان الصمت ثقيلاً كأنه يتنفس معهم، والغبار يغلف كل شيء بطبقة من النسيان.
قادتهم الدكتورة بدرية، التي أصرت على المجيء، إلى باب صغير في المطبخ الخلفي.
قالت: حسب ما ورد في حديث "نادية" المتكرر... هذا الباب يقود إلى "القبو".
فتح رائد الباب بصعوبة، فصدر صرير معدني مزعج، وتدفقت رائحة الرطوبة والهواء القديم.
نزلوا بحذر، وكل خطوة على السلالم الخشبية تصدر صوتًا متكسّرًا، كأن المكان يئن من ثقل الذكريات.
كان القبو مظلمًا، ولم يكن يحتوي على أكثر من أدوات قديمة، صناديق مغلقة، ومرآة مكسورة في الزاوية.
قال سامي وهو يسلط المصباح: لا شيء واضح حتى الآن...
لكن رائد لاحظ شيئًا خلف أحد الرفوف: بلاط مختلف اللون.
اقترب، وجثا على الأرض، طرق عليه... أجوف.
أمر برفعه فورًا.
وفعلاً، لم تمضِ دقائق حتى ظهرت حفرة صغيرة مغطاة بالإسمنت الرطب جزئيًا. نبشها فريق الأدلة الجنائية، وما إن وصلوا إلى عمق متر، حتى صرخ أحدهم:
سيدي! هنا بقايا ملابس... وعظام بشرية!
صمت المكان، وانكمشت الدكتورة بدرية من هول الموقف، بينما وقف رائد مشدوهًا.
قال بصوت خافت: نادية... أو نجاة... كانت تقول الحقيقة.
ثم أضاف: القصة التي نُسجت حول الجنون... كانت فقط ستارًا لجريمة قتل.
يتبع...

تعليقات
إرسال تعليق