رحمة 15 ..آخر ما تبقى من الضوء

بقلم: فايل المطاعني


لم أنم تلك الليلة.كنت أراقب عقارب الساعة وهي تتحرك ببطء، وكأنها تتآمر على قلبي، كل دقيقة تنزع من روحي جزءًا من الأمل.

مع اقتراب الفجر، أدركت أن الليل لم يكن وحده طويلًا… بل الأيام القادمة كلها ستكون كذلك.


أشعلت المصباح الصغير في زاوية الغرفة، كان ضوءه دافئًا لكنه ضعيف، يشبه تمامًا ما تبقى من العلاقة بيني وبين "عُمر". ضوء لا يكفي لطرد العتمة، لكنه يرفض أن ينطفئ تمامًا.


فكرت أن أكتب له رسالة… ليس رسالة عتاب، ولا حتى حب، بل مجرد اعتراف أخير:

"كنتَ أكثر من شعرتُ معه أنني أعيش، وأكثر من علّمني كيف يكون الفقد."


لكن أصابعي تراجعت عن الكتابة… ربما لأنني خفت أن يكون هذا الضوء الأخير بيننا، وأن تنطفئ بعده كل الذكريات.


مع شروق الشمس، سمعت طرقًا خفيفًا على الباب. قلبي قفز قبل أن أفكر… لكن حين فتحت، لم يكن هو. كانت جارتنا العجوز تحمل طبقًا من الخبز الطازج، وقالت بابتسامة: "تبدين متعبة يا رحمة… الشمس تشرق كل يوم، مهما طالت الليالي."


أغلقت الباب، وجلست قرب الطاولة، وبين يدي الخبز الساخن…

أدركت أن الحياة لا تنتظر أحدًا، وأنني ربما مضطرة أن أتعلم كيف أشرق أنا أيضًا… حتى لو غاب "عُمر".

تعليقات