رحمة 12..حين يختبر القدر صبر القلب

 

بقلم . فايل المطاعني 


في المساء، جلستُ قرب نافذتي أراقب المطر وهو يطرق الزجاج برفق، كأنه يكتب لي رسالة لا أستطيع قراءتها.

كنتُ أفكر في كلماته… في ابتسامته… وفي ذلك الضوء الذي قال إنه رآه في وجهي.


لم يكن الأمر مجاملة عابرة.

كان شيئًا أعمق… وكأنّه يضع يده على قلبي، لا على كتفي.

في اليوم التالي، وصلتُ إلى المركز أبكر من المعتاد.

لم يكن في الأمر موعد رسمي، لكنني شعرت بحاجة غريبة لأن أكون قريبة من المكان الذي يجلس فيه.


رأيته يخرج من مكتبه وهو يمسك كوب قهوته.

حين وقعت عيناه عليّ، توقفت خطواته لحظة، ثم قال:

– "رحمة… أظننا بحاجة إلى جلسة خارج هذه الجدران."


ترددت، فابتسم مطمئنًا:

– "مكان هادئ، بعيد عن الملفات والتقارير… فقط حديث."


جلسنا في مقهى صغير عند طرف المدينة.

كانت الطاولات فارغة تقريبًا، والموسيقى خافتة، لكن قلبي كان يعزف نغمة لا أستطيع كبحها.


تحدثنا عن أشياء كثيرة… عن الكتب، وعن الأماكن التي تحب أن تزورها الأرواح الهاربة من الضجيج.

ثم فجأة، نظر إليّ طويلًا وقال:

– "رحمة… ما الذي يخيفك أكثر؟ أن تفتحي قلبك، أم أن تكتشفي أنك كنتِ قادرة على ذلك طوال الوقت؟"


شعرت أن السؤال ليس مجرد كلمات، بل مرآة وضعت أمامي.

أجبتُ بعد صمت:

– "ربما أخاف من الثاني… لأنني حينها لن أجد مبررًا لكل سنواتي الفائتة."


ابتسم ابتسامة صغيرة، وقال:

– "أحيانًا يا رحمة، نحن لا نُشفى بالوقت… بل بلحظة واحدة، يقرر فيها أحدهم أن يبقى."


في طريق عودتي، كنت أشعر أن المطر صار أدفأ، وأن خطواتي أقل ثِقلاً.

لكن في داخلي، بقي سؤال يتردد:


 "هل سيبقى… أم أن القدر سيختبر صبري قبل أن يكتمل الحلم؟"

يتبع

تعليقات