أمل... حين يكون الرحيل بداية

بقلم: فايل المطاعني

 "عليك بالصراحة أو التجاهل، لأن لا أحد يعلم ما تخفيه روحك.

أحيانًا لا يرغب الناس بسماع الحقيقة، لأنهم لا يحتملون سقوط أوهامهم."


بعد عشاء بسيط جمعني بابني وأخي طارق، جلست أتبادل معه أطراف الحديث، بينما تتجه عيناي نحو السماء...

علّ أمي تمرّ كعادتها لتلقي عليّ السلام. كانت ليلة ماطرة، والنجوم غائبة، فغمرتني وحشة الاشتياق.


استأذنت أخي بلطف:

أمل: لديّ أمر مهم... عليّ إنجازه الليلة.


دخلت غرفتي، فتحت الستائر، وألقيت نظرة على السماء المختبئة خلف المطر...

همست: "لو خذلني الجميع، فلن تخذلني أمي."

ثم عدت إلى أوراقي القديمة...


جلست طويلاً لا أحرّك ساكنًا. لا أدري من أين أبدأ...

هل أكتب عن جنون الانتقام الذي جعلني أفضح جراحي؟

أم أكتب عن حياتي بعد الانفصال عن سعيد؟


بعد تردد، قبضت على القلم كأنني أقبض على بندقية، وبدأت أكتب بعنف:


"لقد خذلني من أحببت،

الحب ليس حرامًا، بل هو أجمل ما فينا.

الحرام هو ما نرتكبه نحن باسم الحب."

لم يكن حبي لعليّ بريئًا... لم يجمعنا حيٌّ أو جامعة أو أهل، بل جمعنا الموت!

التقينا على فراش عمه، وكنت أنا حينها رياحًا تبحث عن مأوى، وهو كان العاصفة.

نعم، أخطأت.

لم أنتقم من علي ولا من سعيد... بل من نفسي.

هما مجرد شماعتين علّقت عليهما ضعفي.

تأخرت كثيرًا في فهم الحقيقة... لكنني فهمت.

أردت أن أصرخ، لا لتبرير أفعالي، بل لأتطهر من وجعي.

ذاك الحب لم يكن متعة، كان جنونًا...

عليّ تزوج، وربما اليوم يشكو زوجته لامرأة أجمل!

هكذا هم بعض الرجال، يكذبون بمهارة، ونحن نُصدّقهم ببراءة.

الانفصال

بعد خمس سنوات من زواجي بسعيد، قررت أن أنهي فصلاً أرهقني.

طلبت الطلاق، لا كرهاً، بل حفاظًا على ما تبقّى من كرامتي.

لم ينبس ببنت شفة...

وحين قال: "أنتِ طالق"، لم أرَ في عينيه أي حزن.

ضحكتُ ساخرة وقلت لنفسي:

حتى القطة إن اختفت من البيت، يُفتقد وجودها،

لكني لم أبلغ مقام قطة عند سعيد!

ثم جاءوا...أصدقاؤهم، أو لنقل: أوغاد الفرصة الأخيرة.

كلّ واحد يظن أني طلّقت لأجله،كلّهم قدموا خدماتهم، ظنًّا منهم أنني أصبحت فريسة.


لكنهم لم يعلموا أنني خرجت من المعركة... أقوى.

حينها، ولدت أمل أخرى.

ابتعدت عن الوحل، واخترت أن أستند إلى كتابٍ لا يخون...

القرآن الكريم.

منه بدأت أحب القراءة، ومن القراءة عرفت نفسي، واكتشفت عالمي الحقيقي.

أصبحت أملًا مختلفة...

امرأة لا تبحث عن التبرير، بل عن السلام مع ذاتها.


واليوم، أكتب حكايتي بكل صدق...

قد لا تعجب الجميع، لكنني أعلم أن هناك من سيشعر بي.

نساء كثيرات مررن بتجارب تشبهني،

وأقول لهن:

لا تخجلي من ضعفك، لكن لا تستسلمي له.

قفي.

وانظري خلفك...

ماذا كسبتِ؟ وماذا خسرتِ؟

ثم قرّري أي أملٍ تريدين أن تكوني.

وداعًا...

آه، لحظة!

نسيت أن أخبركم...


بعد سنة من طلاقي، عاد سعيد.قال وهو متلعثم:

سعيد: آسف على كل ما فعلت، لم تكوني المقصودة... بعد رحيلك أدركت قيمتك.

فأجبته بأبيات أرسلتها له: ألمّم بعد موتك ذكرياتي

وأرحل سابحًا في عمق ذاتي كأني ما عرفتك ذات يوم

ولا مارستُ حبك كالصلاة

(للشاعر: د. مانع سعيد العتيبة)


إلى لقاء...


مع حكاية جديدة من "حكايات أمل".

وربما تكون الحكاية القادمة...

"أمل في النصيب."

أختكم أمل.

تعليقات