مذكرات أمل..الفصل الرابع

 بقلم: فايل المطاعني


الفصل الرابع – البوابة التي انفتحت

كانت أمل تقف أمام مرآتها، لا تضع شيئًا من الزينة، فقط ترتّب شعرها المبعثر وتغالب ابتسامة خجلى ارتسمت على شفتيها دون سبب واضح. أو لعلّ السبب كان واضحًا لكنها خافت الاعتراف به، حتى أمام ذاتها.


أمسكت دفترها الأزرق، ذاك الذي خبّأت فيه حكايا قلبها، وجلست على طرف السرير وبدأت تكتب:

 "لا أعرف كيف بدأ الأمر، لكني أشعر بأن حياتي تغيّرت. هناك صوت داخلي يهمس لي أن أستيقظ، أن أتنفس، أن أرى من جديد."


لقد كانت تلك الرسائل الصغيرة، ذلك الاهتمام الذي لا يُقال ولكنه يُشعر، ذلك القلق الصامت، تلك النظرات العابرة، هي التي أيقظت فيها امرأة كانت تظن أنها ماتت.

تذكّرت كيف وقف أمامها ذات يوم حين تعثّرت بخطوتها، لم يضحك، لم يسخر، فقط قال برقة:

– "الأرض تغار من خطواتك."

ضحكت وقتها، ولكن ضحكتها تلك كانت كمن كُشف عنه الغطاء… منذ متى لم يقل لها أحد شيئًا جميلاً؟ منذ متى لم يُنصت لها أحد كما يفعل هو؟

سعيد – زوجها – كان حائطًا باردًا، لا يهتز، لا يلين، لا يرى فيها سوى واجب تؤديه.

أما ذلك الشاب… فقد كان مرآة تعكس أجمل ما فيها، صوتًا يشبه الموسيقى، وحضورًا يبعثر جمود أيامها.

في البداية، قاومت، تجاهلت، أنذرت قلبها مرارًا، لكنها كانت تدرك أن الباب قد انفتح، وأن روحها خرجت من القفص، ولو للحظات.

كتبت أمل في دفترها: "لستُ فتاة مراهقة، ولا أسعى وراء حب ممنوع… أنا فقط أبحث عن ذاتي، عن امرأة في داخلي تُصر أن تعيش، أن تُحتضن، أن تُفهم."

وقبل أن تغلق الدفتر، كتبت بخط مرتجف:  "أنا أمل… التي ظنّت أن الحياة انتهت، فاكتشفت أنها لم تبدأ بعد."

والان إليكم الفصل الخامس

   الاهتمام

كان يهتم بي كثيرًا… كنت ألاحظ ذلك، لكن بخبث الأنثى تعمّدت أن أتجاهله.

يسأل عني في كل مرة، وفي مناسبات كثيرة يهدي لي وردة جوري… تلك التي أحبها، ولا أعلم كيف عرف أن الجوري هي نقطة ضعفي.


ضحكت وأنا أكتب في دفتري:  "إنهم الرجال… حين يحبون يتحولون إلى كتلة من المشاعر الدافئة."

أحببت الرجل الذي أراه في السوق يتجاذب أطراف الحديث مع زوجته، يمسك يدها، يحمل عنها الأغراض، يستشيرها.

لم أحظَ بذلك يومًا… ودمعة ثقيلة سقطت على الورقة.

طوال سنوات زواجي، لم أذق طعم الرومانسية… تلك اللحظات البسيطة التي تحلم بها كل امرأة، سواء كانت فقيرة أم غنية.

لم يكن يعرف شيئًا عن المساواة ولا عن حقوقي كزوجة… فقط ما علّموه له:  "كن رجلًا… واذبح القطة ليلة الدخلة… لتهابك الزوجة وتعمل لك ألف حساب."

هكذا كانوا يرددون… وهكذا كان هو.

لكنني ابتسمت… ابتسامة خفيفة حين تذكرت كيف دخل ذلك الشاب حياتي، وكيف ملأها حبًا وإعجابًا.

كان يحرص أن يمد يده إليّ ليحتضن يدي… لم أكن أسحبها… أتركها ساكنة بين يديه، فيضغط عليها ضغطة خفيفة، وكأنه يقول: "لا تخافي… أنا معك."

في تلك اللحظة، لم أشعر أنني أم أو امرأة ناضجة، بل شعرت وكأنني تلك الفتاة الصغيرة التي تركض بين نخيل مزرعة أبيها، تجمع الحشائش، وتستمع لأغاني فيروز مع شروق الشمس، تنتظر فارس أحلامها على حصانه الأبيض.

نسيت عالم سعيد وقسوته… وانتظرت أن يطرق حبيبي الباب، أقصد أن يتصل بي على الهاتف.

ولم أعرف لماذا تظاهرت بأن هاتفي قد ضاع! قلت له:  "هل يمكنك أن تتصل على رقمي؟ ربما نسمع صوته ونجد الهاتف؟"

وطبعًا… التقط حسين فهمي الإشارة، وأخذ الرقم…


 يتبع

تعليقات