بقلم .ناصر بن محمد الحارثي
"يومٌ في قلب الوجدان: الله، الوطن، السلطان"
بسم الله والصلاة والسلام على خير الأنام، مصباح الظلام، وخير من صلى وصام، وقام بالليل والناس نيام، محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.
في سجلّ عمان الخالد، ثمة شعارٌ يترددُ كالنّبضِ في عروقِ كلّ مواطنٍ، وتتغنّى به الألسنُ من جيلٍ لجيل: "الله، الوطن، السلطان". لم يكن هذا الشعار مجرد كلمات تُردد، بل كان روحًا تسري، وفلسفة حياة، ودستورًا تتجسد فيه أعمق معاني الولاء والانتماء.
أتذكرُ تلك الأيامَ الغضّة، منذُ الروضةِ إلى عتبةِ الثانويّة، ونحنُ نقفُ في طابورِ الصباحِ، رؤوسنا مرفوعةٌ شموخًا، وأصواتنا تتعالى بهتافٍ يمزّقُ صمتَ الفجر: "يعيشُ جلالةُ السلطانِ قابوسَ المعظم!". في كلّ مرةٍ، كانَ قلبي يرفرفُ فرحًا وانتماءً، وكأنني أُعانقُ ترابَ هذا الوطنِ المعطاءِ بصدري الصغير.
ثمّ نَمضي إلى صفوفنا، لا لنُكملَ يومًا دراسيًا عاديًا، بل لنُتمّمَ مسيرةَ تعليمٍ ووَعدًا بأملٍ زاهرٍ. كانت كلماتُ قائدِ النهضةِ، الفقيدِ الخالدِ السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله، تترددُ في مسامعي كـترنيمةٍ سماويةٍ عبر شاشاتِ التلفاز. كان وعده لا يقتصرُ على البنى المادية، بل امتدّ لـرسمِ فجرٍ جديدٍ على وجهِ عمان. وعدٌ ببناءِ المدارسِ، وتوفيرِ فرصِ التعليمِ للجميعِ، كبارًا وصغارًا، حتى "تحتَ ظلالِ الأشجار". وعدٌ بـمحوِ ظلامِ الأميّةِ من البلادِ، وبناءِ جيلٍ واعٍ ومثقفٍ، يشربُ من نهرِ العلمِ الصافي الذي سينهمرُ في كلّ أرجاءِ البلادِ، من مسندمَ إلى ظفار.
وهكذا، أشرقت عمان بنورِ قائدها، واستمدت حكمتها من نورِ قرآنها، وتشبّعت بوصيةِ رسولها الكريمِ بأخذِ العلمِ "من المهدِ إلى اللحدِ". فـبدأَ رجالُ عمانَ وبناتها بالبناءِ والتعميرِ، جنبًا إلى جنبٍ، كـكتلةٍ واحدةٍ، قلبٍ واحدٍ، وهدفٍ سامٍ. توحّدت الصفوفُ، لا لتبنيَ جدرانًا فقط، بل لتصنعَ العيشَ الكريمَ للمواطنِ في أرضِ العطاءِ، من مجانَ التاريخِ وأرضِ اللبانِ الأبيةِ، لعمانَ الخيرِ والسعادةِ، عروسِ المجدِ والرخاء.
واليوم، ونحنُ نحملُ هذا الإرثَ العظيمَ، نُكملُ المسيرةَ بخطىً ثابتةٍ وواثقةٍ تحتَ رايةِ المجدِ المتجددِ، بقيادةِ حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السلطانِ هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه. إننا نُعلّمُ أبناءَنا اليومَ، ما نشأنا عليهِ من حبِّ الوطنِ الأسمى، وحبِّ قائدِه الذي سكنَ قلوبَنا، ليبقى شعارُنا خالدًا وَمُضيئًا كالشمسِ في كلِّ يومٍ جديد: "الله، الوطن، السلطان".
تعليقات
إرسال تعليق