بقلم: فايل المطاعني
قبل أن أبدأ في سرد الحكاية السادسة،
أريد فقط أن أقول إنني لست راضية عمّا فعلته...
وهذا ليس دفاعًا عن نفسي، فليس هناك امرأة في الدنيا تحلم أن تكون "عشيقة" — مهما كانت الظروف أو قربها من حبيبها.
لكنّ الحياة حولي كانت قاسية بما يكفي لتحوّلني من امرأة محترمة... إلى زوجة خائنة، ثم إلى عشيقة مفلسة!
وأنا هنا لا أبرّئ نفسي، بل أحمّل زوجي "سعيد" مسؤولية ما حدث.
رجلٌ لم يشعر باحتياجي إليه. كنت أقترب منه... فيبتعد، بينما كان "علي" ابن أخيه، يقترب أكثر فأكثر.
كان ابني يمرض في منتصف الليل، أتصل على سعيد، فأجده مع أصدقائه،
يجيب ببرود: "خبّري علي يودّيك المستشفى... أنا مشغول."
وعندما يسافر – وكان كثير السفر – يقول ممازحًا: "علي رجل البيت، خذي راحتك واطلبي منه ما شئت... لن يخذلك!"
كانت "دعابة"... لكنها دعابة سَمِجة، مؤذية، متكررة.
في الليل، يفرح العشاق، فهناك تلتقي الأرواح وتُشعل الشموع،
أما عندي، فالليل كان سوادًا آخر… أقضيه بجانب طفلي، وزوجي إما نائم، أو خارج المنزل، أو يستمتع بمتابعة أخبار المساء والمصارعة الحرّة!
كنت امرأة بائسة... أو بالأصح: بقايا امرأة.
أنوثتي التي يتغزّل بها الآخرون كانت عبئًا عليّ،
وكل من يراها لا يعلم أنها تقتلني بصمت.
أنا لم أكن امرأة في بيت سعيد، كنت قطعة أثاث أنيقة… ديكور!
ليست الرجولة – أيها السادة – في إنجاب الأولاد والتفاخر بهم،
الرجولة أن تحتوي امرأة بيتك، أن تسمع ضعفها، تمدح أناقتها،
الرجولة أن تمسك بيدها وقت العاصفة،
أن تبتلّ معها تحت المطر… لا أن تعطيها مظلّة وتقول:
"خذيها، وارجعي وحدك!"
كم مرة أمسكت يده، وهمست له:"أنت سيدي، أنت حبيبي... ألا يعجبك شعري؟ لقد غيرت لونه من أجلك!"
"انظر لعيني… ارتديت العدسات العسلية التي تحبها."
"فستاني الأبيض، مزين بأمواج البحر، وكسراته تبرز خصري،
الذي طالما غارت منه صديقاتي وسألن:
أي دكتور نحت لك هذا الخصر؟
وأنا لا أجيب... لأني وُلدت بهكذا جسد!"
لكنّه لم يكن يرى… لم يكن يسمع.
كنت أصرخ بكل أنوثتي أنني بحاجة إلى رجل…
لكن بداخلي صوت آخر يجلدني: "لا تخوني، لا تتمادي… هناك طفل سينظر إليك يومًا."
لكنني... سقطت.ولم أستطع المقاومة.
بئر الخيانة
الهاتف الليلي
كنت جالسة كعادتي، ألعب مع وحيدي، بينما زوجي ساهر مع أصدقائه.
أحادث صديقاتي عبر تطبيق "الواتساب"،
حين لمحت رسالة من "علي"...
ارتعش جسدي، سعادة وخوفًا، لكن... السعادة غلبت الخوف.
كانت رسالة جريئة، رومانسية، مختلفة عن كل ما اعتدته من زوجي.
كتب: "مساء جميل كجمال عينيكِ… فعيناك شواطئ لا نهاية لها، وأنا بحّار تائه يبحث عن مرساه."
لا أعلم ما الذي جعلني أستسلم...
قلت له: "مساء سعيد، أيها البحّار الماهر.
وتوقفت عن الكتابة…
كأنني خفت من نفسي، أو خجلت من الورقة.
لكن الحقيقة بدأت من تلك اللحظة.
قلت لنفسي: "ياليتني لم أرد!"
ولكن، حين تكون "وكالة بلا بوّاب"،
تستطيع الكلاب أن تدخل متى شاءت.
كتبت بقلم بلون مختلف، وكأنني أتنكّر من أمل السابقة:
"لقد شعرت برسالته وكأنني جوهرة… ووجدت الجوهرجي الذي يعرف قيمتي."
قلت له جملة لا أنساها: "لا تخف، اقترب… فشواطئي لن تستعصي على بحّار ماهر مثلك."
وجاء إلى بيتي في نفس الليلة…لبست فستان زفافي الأبيض…كأنها ليلتي الأولى.
لم نكن بحاجة إلى الشيطان ليكون ثالثنا…
لقد وفّرنا عليه الوقت… وغرقنا سويًّا في بئر الخيانة، حتى الثمالة.
وها أنا اليوم، أكتب لكم حكايتي بيدٍ مرتعشة، وقلبٍ يأنّ.
كتبتها لا لأبرر خطيئتي، بل لأعترف أن بعض السقوط لا يكون دفعة واحدة…
بل يبدأ بخطوة صغيرة… رسالة… كلمة… تجاهل… دمعة لم تُمسح…
حتى تجد نفسك في عمق البئر،تبحث عن مخرج…ولا تجد سوى صدى الندم.
يتبع الفصل السابع "ضجيج الصمت"
كان من المفترض أن أرتاح بعد الاعتراف...
أن أتحرّر، أن أخفف حملي الثقيل على الورق...
لكنني لم أنم تلك الليلة.
ظلت عيناي مفتوحتين تحدّقان في سقف الغرفة كأنهما تستنجدان…
بشيء ما… بشخص ما… بضمير قد مات أو نام أو اختنق داخل صدري.
كل شيء في البيت كان صامتًا…
طفلي نائم… الهاتف مطفأ… النور خافت…
لكن داخلي… كان عاصفة.
هناك صوت صغير، خافت… لكنه كالسكاكين:
"هل أنتِ راضية الآن؟
هل شعرتِ بأنوثتك أخيرًا؟
هل انتقمتِ من الإهمال بالخطيئة؟
وهل تستحق الخيانة أن تُلبس فستان العرس؟!"
سحبت لحافي إلى أعلى رأسي، أردت أن أخنق الصوت،
لكنه يصرخ من الداخل... لا يسمعه أحد غيري.
استيقظت مبكرًا، قبل أن يصحو سعيد،دخلت الحمام ونظرت في المرآة…رأيت امرأة غريبة…عينان منهكتان… شفتان ذابلتان…وفستان أبيض لا يزال في زاوية الغرفة يختنق برائحة الخيانة.
سعيد لم يلاحظ شيئًا… كالعادة.
جلس على طاولة الإفطار، يقرأ الأخبار، يعلّق على سعر النفط،
ويقول لي: "ما بكِ؟ وجهك شاحب."
ضحكت، وأنا أرد: "يمكن نقص نوم...آه يا سعيد…
لو علمت ما نقصني فعلًا…
لو شعرت بي يومًا…
لو أمسكت يدي تلك الليلة… لما أمسكتها يدٌ سواك.
في مساء اليوم التالي، كنت وحدي مع طفلي،
أعدّ له الحليب، فاقترب وسألني بعفوية:"ماما، ليش تبكين وانتِ تضحكين؟"
توقفت… وشعرت بشيء ينكسر داخلي…
حضنته، وبكيت… بكيت بصوت خافت، كي لا يسمعني ضميري وهو يعاتبني مجددًا.
كأنني كنت أحتاج فقط تلك الجملة من طفل صغير،
لأفهم أنني، يوم خنت، لم أخن سعيد فقط…
بل خنت طفلي… وخنت نفسي.
مرّت أيامٌ وأنا أهرب…
أتهرب من علي… من نظراته… من ذكريات تلك الليلة.
حظرته من كل تطبيق…
غيرت قفل هاتفي…
لكنني لم أستطع حظر ذاكرتي!
هل هناك زرّ اسمه "امسح الخطيئة"؟
هل هناك تطبيق اسمه "اغسل قلبك"؟
بدأت أشعر أن الله لا يزال يناديني…كل آية، كل حديث، كل مشهد، كأنه لي وحدي.كأن السماء تحاول إنقاذي…قبل أن أغرق أكثر.
في إحدى الليالي…لبست حجابي، ودخلت غرفتي، أغلقت الباب، وقلت: "يارب، أنا أمل… أنا من سقطت…
لكنني أعود إليك بكل ضعفي وخيبتي…
أريد طهرك لا عقابك،
أريد نورك لا جحيم ذنبي."
تلك الليلة، لأول مرة، شعرت بشيء من السلام…
ليس سلامًا كاملًا…لكن على الأقل، هدأت العاصفة…
وبدأ الضجيج في داخلي… يخفت.
يتبع…

تعليقات
إرسال تعليق