بقلم . ناصر بن محمد بن سعيد الحارثي
بينما تَهطِلُ علينا رسائلُ النجدة، كقَطرِ الغيثِ المحمّلِ بآهاتِ غزةَ الجريحةِ وفلسطينَ العشقِ المذبوحِ، فتنكسرُ القلوبُ عند عَتَبَةِ الألَمِ والأسى، لِجوعٍ يقضمُ الروحَ، وقَهْرٍ يكبلُ الحُرّيةَ، وظلمٍ يُدنّسُ كرامةَ الإنسانِ. وما هي إلا لمحةُ بصرٍ، حتى تتسلّلَ إلينا رَسائلُ أخرى، صدى لـِ"فكّ كربةٍ" قادمةٍ من جوفِ وطنِنا، من إخوةٍ وأخواتٍ لهم فينا وِصالٌ، من مسرّحينَ وأراملَ ومطلّقاتٍ، تتراكمُ عليهم جبالُ الديونِ، وتنقطعُ عنهم شريانُ الحياةِ، الكهرباءُ والماءُ، ويهدّدهم سجنٌ يبتلعُ الأحلامَ. هذا كلّهُ يحدثُ في بلادِنا، بلادِ الخيرِ التي تَبْكي العطاءَ.
هنا تتصاعَدُ الهمومُ كأعمدةِ الدخانِ في سماءِ القلبِ، وتتقلّبُ المواجعُ كجمرٍ تحتَ الرمادِ، فيزدادُ القهرُ لِما وصلَ إليهِ حالُنا. يبكي القلبُ سؤالًا مُرّاً: هل نُطعمُ جياعَ غزةَ العزّةِ، أم نُطفِئُ حرقةَ الثكالى والمحتاجينَ في عقرِ دارِنا؟
ماذا لو عادَ عمرُ العدلِ، فرأى أمّتَنا اليومَ تَتَخَبّطُ في حيرتِها؟ ماذا نقولُ لـِحبيبِ الحقّ، سيّدِ الخلقِ، رسولِ اللهِ صلواتُ ربي عليهِ، وهو الذي سيبكي على حالِنا ويُنادي ربّهُ: "أمتي! أمتي!"؟
إلى أينَ تَتّجهُ هذهِ السفينةُ التائهةُ؟ وأينَ الدربُ الذي يعيدُنا سادةً للأممِ، لا نُخضَعُ ولا نَستكينُ لصهاينةِ الغدرِ، وأمريكيّينَ الحقدِ؟ سامحينا يا فلسطينُ، واصمدي يا غزةُ، فلكِ ربٌّ كريمٌ يَرعاكِ، والنصرُ قادمٌ كفَجرٍ لا بدّ أن يُشرِقَ. لم يبقَ لنا سوى دعاءٍ يلامسُ عنانَ السماءِ لربٍّ رحيمٍ.
رحمتُكَ يا اللهُ تحفُّنا، وعنايتُكَ تَكلأُ أرواحَنا، اليومَ وغدًا، إلى يومِ البعثِ والجزاءِ.
تعليقات
إرسال تعليق