بقلم . فايل المطاعني
في قبوٍ مهجور بأطراف المدينة، تردّد صدى قطرات الماء على أرضٍ باردة كأنها أنفاس موتى قدامى، وكان الضوء الخافت المنبعث من المصباح المعلق بالكاد يكشف وجه الرجل الجالس على الكرسي.
أمام شاشة مراقبة، ظهرت ريم، مكبلة اليدين، عيناها تلمعان بتحدٍّ كأنها ترفض الاستسلام للمجهول. قال الرجل بنبرة جامدة:
– "ظننتِ أن الذكاء وحده يُنقذكِ؟ لا يا ريم... في هذا العالم، من لا يبيع… يُؤكل."
رفعت رأسها وقالت:
– "أنت لا تفهم شيئًا… أنا لم أكن أبحث عنك فقط… كنت أبحث عني."
لحظة صمت.
دخل سالم هلال من باب حديدي اقتُحم توا، مسدسه مرفوع.
تبادل النظرات مع ريم، ثم ثبّت بصره على الرجل:
– "ارفع يديك… انتهت لعبتك."
الرجل ضحك… وألقى بهاتفٍ على الطاولة أمامه.
– "قبل أن تطلق، افتح الرسالة… ستعرف أن هذه ليست نهايتي… بل نهايتكم أنتم."
قبل ثلاث ساعات – في مركز التحريات.
كان النقيب محمد علي قد فك شفرة الرسالة الصوتية التي تم اعتراضها من الخارج.
– "سيدي… لدينا تسجيل من صوت ريم قبل اختفائها… لكنها لم تكن تستغيث… كانت تُعطي أوامر."
ارتبك الجميع. دخلت النقيب شيخة، تحمل تقريرًا جديدًا:
– "وجدنا ثغرة في أرشيف العمليات… ريم كانت تزرع أدلة مزيفة، لا تحذفها… كانت تنسج فخًا لمن أراد إسقاطها."
قال سالم:
– "إذن ريم لم تُخطَف فقط… كانت تجرّ الذئب إلى المصيدة."
في القبو – المواجهة.
تقدّم سالم نحو الرجل:
– "ريم تركت لك طُعمًا في كل خطوة… ملفاتك، حساباتك، عملاؤك… حتى الصفقة الأخيرة."
رفع هاتفه وفتح مقطعًا صوتيًا. جاء صوت ريم:
– "إذا استمريت بالضغط عليّ… ستُفتح الملفات، وستسقط الشبكة كلها. أنا لست ضحية… أنا بداية النهاية."
نظر الرجل إلى ريم، ثم إلى سالم.
– "كانت ذكية أكثر مما ظننتُ… لكنها ستدفع الثمن."
فجأة حاول سحب سلاحٍ صغير من جيبه، لكن طلقة واحدة من سالم كانت كفيلة بإسقاطه.
بعد أسبوع – على شاطئ مطرح.
وقفت ريم تنظر إلى البحر. كانت النسائم تُداعب شعرها، وقلبها أخيرًا… حر.
اقترب منها سالم، بصمت. وقف بجانبها دون أن ينطق.
قالت بهدوء:
– "ظننتُ أني لن أخرج من هناك."
رد بابتسامة ناعمة:
– "لكنني كنت أعرف… أنكِ ستخرجين… وستربحين."
نظرت إليه… ثم سألته بصوتٍ خافت:
– "وسالم؟ هل ربح؟"
ابتسم ونظر إلى البحر:
– "إذا كنتِ هنا… فربحت كل شيء."
صمت طويل…
نظرات تتقاطع، ثم تغيب الشمس خلف الأفق.
نهاية.

تعليقات
إرسال تعليق