بقلم. كاملة البسامية
استعارَ الليلُ جلبابَ الظلام، ليصبغ الأرض بحبر السواد، ولتقبل مواكب النجوم، بينما هي توقفت عن النحيب القاتم تماما. وبدأت تلملم شظايا جسدها المتهالك، مدت بصرها نحوه. كم تمقته، فكلما رأته اجتاحتها نوبة هوجاء تقتلع كلما يتمثل أمامها. فكثيرا ما كان ضحيتها كتبا مبعثرة في الأرجاء، أو أزهارا أسرفت في العيش؛ لتموت متيبسة، كوبَ شاي لم يلحظ أن عاش على طاولة سوى دقائق حتى تصدع إلى أشلاء،كل شيء مُبعثر، في حين هو لم يحرك ساكنًا...
تمد يديها، لتشيح عنها الغطاء، تحاول إيقاظ من كبَّلها، تهوي بيديها إلى قدميها، أرادت بتر غدر جسدها لها، فلم تجد سوى الصراخ وهو لم يحرك ساكنا.
تمرد الفراغ في حجرها، وتزاحمت الكلمات أمامها لتعود بها حاشية ذاكرتها، وحين أطرقت ساعة الاختيار ولم يترك لها القلم لتضع النقاط، "حبيسة الفراش أو أسيرة المدولب " هكذا صاغها الدكتور. ليقرع الكرسي المدولب بقدومه. فلم تملك الاختيار .
كيف لها أن تكون أسيرة عجلات؟ كيف لها أن تقيد أحلامها التي حبكتها لترفع الظلم عن الناس وتدافع عن الضعيف المهزوم، لتأخذ حق الفقير البائس، أما الآن وقد دُس صوتها وسط حنجرتها الغريقة، لم تعد قادرة على عد خطواتها، هو الآن كفيلها وخِلُها.
خُلِع الظلام، وأطلّت تباشير الصباح، ورمت بظلالها على جسدها، بينما هو تقاعس عن حملها لتبدأ هي في جره إليها. وتردف جسدها نحوه، لتجرها قدميها إلى وجهتها. ترسو أمام مرآتها، وترمي هنا كلمة، وهناك حرفًا، لعلها تستمع لها، ولكن هل للمرآة آذان؟ تعيد رؤية تقاسيم وجهها، وتمسح ما تبقى من كحل عينيها، وتعيد هيكلة وجهها بأحمر شفاه قرمزي اللون، وتكتفي به.
يطلق الهاتف موسيقى رنين، وتهرول لنجدته، (الطبيب المزعج) هذا ما أعلنت عنه شاشة هاتفها، قوست حاجبيها عضت شفتيها لتبدأ الاستماع للطرف المزعج " الوضع قائم على ما هو فلا توجد إشارات لتحسن حالتك" تعصر ورقيات كانت بيدها! وتحتضن وسادة الأمل. فتبتسم " أعلم ذلك أيها الطبيب، فهذا الكرسي أضحى قدمي، شكرًا لك على مجهودك" وتغلق الهاتف.
اليوم يرفع القلب راية الاستسلام لم يعد يقوى على الحرب، ليعلو العقل جاثيا عليه لتصرخ ملأ الأسْماع: " ماذا الآن أيها الكرسي؟ ألن توقع على معاهدة الاستحواذ؟ ألا تظن بأن الوقت قد حان لنكون معًا أنا عقلك وأنت مقودي، أنا عيناك وأنت بصيرتي؟قم أيها الرفيق فأنت أنا. فلا عيش أتفرد به عنك. آااه يا أحلامي الكلّة أعتذر على إسرافي فيك. فاليوم قد اعتكفت عيناي الدمع، وأسلمت احتجاجي لك. بتلك الروح الجميلة سأمشي، ولن أدع اليأس يتسلق آمالي. سأسير وأضع لأحلامي قنديلاً، وأرسم للحياة الطريق الذي تهتدي به قلوب العابرين.
تعليقات
إرسال تعليق