جمال الروح: النور الذي لا ينطفئ

 بقلم: نور الحياة



في عالمٍ طغت فيه المظاهر، وتقدّم فيه الشكل على الجوهر، يظلّ جمال الروح هو النور الذي لا يخبو، وهو البصمة التي تترك أثرًا لا يُمحى في القلوب.


جمال الروح لا يُرى بالعين، بل يُشعر به، يُحسّ في الكلمة الصادقة، والابتسامة الدافئة، والموقف النبيل. هو ذلك الضوء الخفي الذي يشعّ من قلب الإنسان، فينعكس على تصرّفاته، فيجعل من حوله يشعرون بالأمان والطمأنينة.


ليس الجمال في الملامح ولا في الألوان، بل في نقاء السريرة، وصدق النية، ورفق القلب. فكم من وجوهٍ جميلة حجبتها قسوة الأرواح، وكم من ملامحٍ عادية توهجت بجمال الروح، فأصبحت محبوبة، مألوفة، محطّ إعجاب وتقدير.


جمال الروح يظهر في التواضع، حين يتحدث العالِم مع الجاهل بودّ، ويظهر في العطاء، حين يساعد القويّ الضعيف بلا مقابل، ويظهر في الصبر، حين يبتسم المبتلى رغم الألم.


الروح الجميلة تعرف كيف تُضيء عتمة الآخرين، دون أن تطلب مقابلًا. تعرف كيف تُلملم الشروخ الخفيّة، وتمنح من الأمل ما يعجز عن فعله المال والمظاهر. إنها أرواح تشبه النور في مسيرتها، والبلسم في أثرها.


وفي زمن التواصل الرقمي، حيث تُجمّل الصور وتُزيّف الابتسامات، يبقى جمال الروح هو الصدق الوحيد الذي لا يحتاج إلى فلاتر، ولا إلى مؤثرات. يكفي أن تتحلّى به، حتى تصبح مرآتك نقية، وجاذبيتك حقيقية، وحضورك مميزًا لا يُنسى.

جميل أن نعتني بأشكالنا، لكن الأجمل أن ننمّي أرواحنا، ونسقيها بالقيم، ونطهرها من الأحقاد، ونملأها بالمحبة. فالعالم لا يحتاج إلى مزيد من الوجوه الجميلة، بل إلى قلوبٍ صادقة، وأرواحٍ مضيئة.

تعليقات

إرسال تعليق