ثورة الجراحات الحديثة: الروبوتات والذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد في خدمة الطب

 بقلم :ليالي حسين

الجراحة الحديثة تشهد طفرة كبيرة مدفوعة بالتكنولوجيا: الروبوتات، الذكاء الاصطناعي، التصوير الدقيق، المواد الحيوية، والتقنيات طفيفة التوغل (minimally invasive). هذه الابتكارات تُحسّن دقة العمليات، تقلّل المضاعفات، تُسرّع الشفاء، وتُخفّض الألم وفترات الإقامة في المستشفى.

أحدث أنواع وتقنيات الجراحة

1. الجراحة الروبوتية والمساعدة بالذكاء الاصطناعي

الروبوتات الجراحية المدعومة بالذكاء الاصطناعي: تُستخدم لتحسين دقة القصّ، الخياطة، الأعصاب، والأنسجة الناعمة. في تجربة أخيرة نجحت روبوتات بتدريب عبر الذكاء الاصطناعي في إزالة المرارة من أجسام خنازير بفضل الشبكات العصبية، مما قد يُمكّن من تجارب بشرية في غضون عقد تقريباً. 

دمج AI والروبوتات في التخطيط والتنفيذ الجراحي: الأبحاث الحديثة تستعرض كيف الذكاء الاصطناعي يُستخدم للتنبؤ بالمخاطر، تخطيط العمليات، تحليل الصور، وتحسين قرارات الجراحة. 

2. الجراحة الموجّهة بالصور (Image-Guided Surgery)

تستخدم التصوير أثناء الجراحة، التنسيق بين الصور الحيّة (real-time) مع النماذج التشريحية للمريض، وأنظمة الملاحة (navigation) لتوجيه الأدوات بدقة عالية. 

تُحسّن سلامة العملية وتقلل الأخطاء، خصوصاً في الأنسجة الدقيقة أو تحت تأثير التشوهات التشريحية. 

3. الجراحة طفيفة التوّغل (Minimally Invasive Surgery) بأساليب متقدمة

Single-Incision Laparoscopic Surgery (SILS): الجراحة باستخدام شق واحد، غالباً من السرة، مما يقلل من الندوب ويُسرّع الشفاء. 

Transoral Robotic Surgery (TORS): إزالة أورام الحلق أو علاج انقطاع النفس أثناء النوم باستخدام أدوات روبوتية تدخل عبر الفم، بدون شقّ خلفيّ أو خارجيّ في الرقبة. 

4. الابتكارات في زراعة الأعضاء والحفاظ عليها

عمليات الزرع المزدوجة (Cardiac-Liver Transplantation) المدعومة بالروبوتات: جمع بين تقنيات الزرع في القلب والكبد، مما يتطلب تنسيقاً دقيقاً، تقنيات متقدمة لحفظ الأعضاء، واستعمال الروبوتيات لتقليل الكبر والضرر أثناء العملية. 

تحسين طرق حفظ الأعضاء (organ preservation) لتقليل التضرر أثناء النقل وزمن الانتظار. 

5. المواد الحيوية والطباعة الثلاثية الأبعاد

استخدام نماذج مطبوعة ثلاثية الأبعاد تحاكي تشريح المريض لتخطيط الجراحة أو تدريب الجراحين، أو لطباعة دعامات (implants) مخصصة. 

المواد الحيوية التي تستجيب للبيئة الحيوية، مثل الشبكات الذكية (smart meshes) أو مواد ذات قدرة على التئام ذاتي، لكن هذه ما زالت غالبًا في مراحل ما قبل السريرية أو أولية. (ملاحظة: هذه الفئة تحتاج متابعة دقيقة لمخرجات الأبحاث)

الفوائد

تقليل الأذية والآثار الجانبية: شقوق أصغر، أقل نزفاً، ألم أقل.

دقة أعلى: الأدوات الروبوتية وتقنيات التصوير تتيح تجنّب هياكل حسّاسة مثل الأعصاب أو الأوعية الدموية.

شفاء أسرع: بفعل انخفاض الإصابات والتهاب أقل، وقت إعادة التأهيل يُصبح أقصر.

تقليل استخدام الوقت والمكوث في المستشفى، وعند بعض الحالات تقليل تكلفة الرعاية الصحية الإجمالية رغم أن التكاليف التأسيسية قد تكون عالية

التحديات

التكلفة العالية والبُنى التحتية: الأجهزة الروبوتية، نظم التصوير المتقدم، صيانة وتحديث.

التدريب والمهارات: الأطباء والجراحون بحاجة لتدريب مكثّف لاستخدام التكنولوجيا الجديدة والتعامل مع المفاجآت أثناء الجراحة.

السلامة والتنظيم: التحقق من أن الأدوات والأنظمة آمنة، الحصول على الموافقات التنظيمية، وضمان جودة البرمجيات والذكاء الاصطناعي.

الخصوصية والأخلاقيات: عند استخدام صور المرضى، البيانات الجينية، أو عمليات تلقائية جزئياً، يجب حماية البيانات والخصوصيات.

التكيّف مع الظروف الواقعية: التشريحات المختلفة بين المرضى، مشكلات الأنسجة الحيّة، النزف، الحركة داخل الجسم، التأثيرات الفيزيولوجية التي قد لا توجد في نماذج تجريبية.

الاتجاهات المستقبلية

توسّع الجراحة الروبوتية ذاتية التشغيل أو شبه ذاتية، مع إشراف بشري من بعد، خاصة بعد نجاحات تجريبية في أجهزة مثل إزالة المرارة في أنسجة خنازير. 

استخدام الذكاء الاصطناعي لتوقع المضاعفات، تحسين التخطيط قبل الجراحة، وربما التوجيه التنبؤي أثناء العملية.

دمج الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR) لمساعدة الجراحين في الرؤية والتخطيط والتدريب.

مواد جديدة حيوية ذكية، أجهزة استشعار مضافة في الدعامات أو الأنسجة المزروعة لمراقبة الأداء بعد الجراحة.

التطورات الجراحية الحديثة تُعيد تعريف ما هو ممكن في الطب: من عمليات أكثر أمانًا، أقل تدخلاً، وأكثر تخصيصًا للمريض. مع ذلك، ليست كل التقنيات متاحة أو ملائمة لكل الحالات، ويجب النظر في التكاليف، الاستعداد المؤسسي، والتدريب. المستقبل واعد، خصوصًا مع التقدم في الذكاء الاصطناعي وطب المواد.