رجل المعول

بقلم : سميرالشحيمي


توقف القصف ابتعدت الطائرات الحربية وصوت هدير محركاتها النفاثه قبلها بعدت ساعات كانت تملئ سماء بلدتنا في عتمت الليل وكأنها خفافيش أتت بسوادها الغاشم لتأخذ أرواحنا بلا رحمة أو شفقه.

خرجت أتحسس طريقي وسط سحابة من الغبار والأتربة بسبب انهيار المنازل والأبنية ، كنت وحيداً في منزلي بعد أن أرسلت زوجتي وأبنائي خارج المدينة إلى منزل آخر به أفراد عائلتي أبي وأمي وإخوتي أحاول إبعادهم عن مكان القصف الذي يطال الأحياء السكنية المليئه بالمدنيين الأبرياء من أطفال ونساء وكبار السن.

الغبار كسحابه كثيفه ليس هناك رؤيه واضحه وصافرات عربات الإسعاف تملئ المكان لقطت عيني خيال رجل ، نعم هذا رجل فوق كومة من الصخور لمنزل متهدم، رجلاً يحمل معولا بيده وهو فوق ركام من الصخور والحجارة المتكدسه ينبش بالمعول بكل قوته على تلك الحجارة المتراكمه يخيل لك في وهله بإنه يبحث عن صندوق مجوهرات... دفتر قديم به ذكرياته... تحفه فنيه ثمينه.

ابتعدت عن موقعه ومازال صوت معوله وهو يرتطم بالحجاره يرن في أذني.

بعد مرور من الوقت رن هاتفي المحمول كان اتصال من إحدى المستشفيات يخبرني بأن مجموعه من أفراد عائلتي تم نقلهم إلى المستشفى بعد إنتهاء القصف اصابتهم من بين المتوسطه والخطيره يبدوا إنهم لم يسلموا هم كذلك بدأت بالمشي بخطوات سريعة ، وصلت للمستشفى المكان ملئ بالمصابين والشهداء رأيت عائلتي ، المنظر مؤلم لا يوصف بخط القلم طمأنني الدكتور إنهم سيكونون بخير لا تقلق.

خرجت من المستشفى لألمم شتات نفسي واستجمع قواي النفسيه والعقليه فالذي رأيته بالمستشفى ليس بالأمر الهين.

وصلت عربة إسعاف أخرى بها 5 شهداء من أطفال تفاوتت أعمارهم الصغيره ونزل خلفهم رجل ملامحه ليست غريبه إنه صاحب المعول نزل من عربة الإسعاف ولتف حواليه ممن يعرفونه والمقربون منه يواسونه فلقد كان يبحث تحت الركام بمعوله عن أبنائه ، والآن هم شهداء طيور بالجنة اقتربت منه ووضعت يدي على كتفه أهون عليه مصابه ، مسح وجهه وتنفس الصعداء ثم نظر إلي وقال : (معلش كله يهون لأجل فلسطين).


انتهت.

تعليقات