بقلم : بدرية بنت حمد السيابية
في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وتزايد الاعباء على الاسر تكثر النصائح المالية التي تدعو الى تقسيم الدخل والالتزام بخطط ادخار ثابتة بغض النظر عن حجم الراتب ورغم ان هذه التوصيات تبدو على الورق مرتبة ومطمئنة فانها غالبا ما تصطدم بواقع الاسر محدودة الدخل حيث تتحول النسب والخطط النظرية الى ارقام غير واقعية امام متطلبات الحياة الاساسية ما يجعل الالتزام بها تحديا حقيقيا يحتاج الى حلول اكثر مرونة وعدالة.
تتكرر عبر وسائل الاعلام ومنصات التثقيف المالي نصائح تدعو الى تقسيم الدخل وتخصيص نسب ثابتة للانفاق والادخار باعتبارها ادوات فعالة لضبط الميزانية غير ان هذه الوصفات التي تبدو متوازنة على الورق غالبا ما تصطدم بواقع الاسر ذات الدخل المحدود حيث تتحول الى معادلات مستحيلة وسط ارتفاع تكاليف المعيشة وتزايد الالتزامات اليومية ما يطرح تساؤلا هل تكفي النصائح النظرية لمواجهة ضغوط الواقع.
تواجه بعض الاسر ذات الدخل المحدود تحديا مستمرا في تغطية احتياجاتها الاساسية خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة فاسرة يبلغ دخلها الشهري نحو 325 ريالا عمانيا على سبيل المثال: قد تخصص ما بين 120 و150 ريالا للايجار او الاقساط البنكية بينما تتراوح فواتير الكهرباء والماء والاتصالات بين 30 و40 ريالا وتبلغ مصاريف الوقود نحو 30 ريالا شهريا اما تكاليف المواد الغذائية التي تعد من الضروريات اليومية فقد تتجاوز 100 ريال شهريا تبعا لعدد الافراد وحجم الاستهلاك امام هذه الالتزامات يصبح الادخار تحديا حقيقيا ما يستدعي البحث عن حلول مبتكرة سواء عبر برامج الدعم او تعزيز مصادر الدخل الاضافية لضمان استقرار هذه الاسر ماليا.
وتكمن التحديات في ان المعادلات المالية التي تحدد نسبا ثابتة للانفاق والادخار قد لا تراعي التفاوت الكبير في ظروف الاسر فبينما قد تكون هذه النسب فعالة للاسر ذات الدخل المرتفع او الالتزامات المحدودة فانها تصبح اقل واقعية للاسر التي يذهب معظم دخلها لتغطية الاحتياجات الاساسية ومع ارتفاع تكاليف المعيشة وتغير اسعار السلع والخدمات يزداد صعوبة الالتزام بتلك النسب بصورة صارمة ما يستدعي حلولا اكثر مرونة تاخذ في الاعتبار اختلاف القدرات المالية وتساعد الاسر على تحقيق توازن افضل دون شعور بالإحباط.
وترجع شهرة المعادلات المالية التي تحدد نسبا ثابتة للانفاق والادخار الى انها صممت في بيئات اقتصادية تتميز باستقرار نسبي وتوافر مستويات دخل تسمح بتخصيص مبالغ منتظمة للادخار ولذلك فهي غالبا ما تناسب اصحاب الدخول المتوسطة والعالية.
حيث يمكنهم تغطية الاحتياجات الاساسية بسهولة اما بالنسبة للاسر ذات الدخل المحدود التي يستهلك معظم دخلها في تلبية الضروريات فان الالتزام بهذه النسب قد يكون تحديا كبيرا وفي ظل الارتفاع المستمر لتكاليف المعيشة وتغير اسعار السلع والخدمات يصبح من الضروري تكييف هذه النماذج لتكون اكثر مرونة بحيث تساعد الاسر على ادارة مواردها دون ان تتحول الى مصدر ضغط نفسي.
ورغم ان تطبيق المعادلات المالية التقليدية يمثل تحديا للكثير من الاسر محدودة الدخل فان البحث عن بدائل واقعية يظل ممكنا فالتخطيط المالي لا يقتصر على نسب ثابتة بل يمكن ان يقوم على استراتيجيات اكثر مرونة تراعي طبيعة كل اسرة وظروفها مثل تحديد اولويات الانفاق والبحث عن مصادر دخل اضافية والاستفادة من برامج الدعم المتاحة مثل هذه المقاربات تساعد الاسر على تحقيق قدر من التوازن بين تلبية الاحتياجات اليومية والسعي نحو الاستقرار المالي وفق امكاناتها المتاحة.
توجد مجموعة من الخطوات المرنة التي يمكن ان تساعد الاسر ذات الدخل المحدود على تحسين ادارتها المالية بعيدا عن الالتزام الصارم بالنسب النظرية للانفاق والادخار من بين هذه الخطوات الاستفادة من العروض الموسمية وشراء الاحتياجات الاساسية بكميات مدروسة للحد من الهدر الى جانب تنظيم المصاريف الشهرية وفق الاولويات بحيث تقدم الضروريات على الكماليات كما يمكن ان يسهم البحث عن مصادر دخل اضافية عبر اعمال حرة او مشاريع صغيرة في تخفيف الاعباء المالية والى جانب ذلك تمثل البرامج الحكومية والمبادرات المجتمعية الداعمة للاسر مثل المساعدات في مجالات السكن او التعليم ركيزة مهمة لتعزيز الاستقرار وتحسين مستوى المعيشة.
في نهاية المطاف تظل الخطط المالية اداة قيمة حين تبنى على حلول واقعية قابلة للتطبيق.
تراعي ظروف الاسر المختلفة بدلا من الاعتماد على معادلات ثابتة قد لا تعكس الواقع اليومي فالتحديات الاقتصادية على صعوبتها ليست سببا للياس بقدر ما هي حافز لتبني اساليب اكثر مرونة في ادارة الموارد والبحث عن فرص تعزز الدخل وتدعم الاستقرار ومع توافر برامج الدعم المجتمعية والحكومية الى جانب ادارة واعية للمصاريف وترتيب الاولويات يمكن للاسر تخفيف الضغوط المالية تدريجيا والاقتراب من تحقيق قدر اكبر من الامان المالي دون شعور بالعجز او الإحباط.
تعليقات
إرسال تعليق